Al Jazirah NewsPaper Saturday  05/06/2010 G Issue 13764
السبت 22 جمادىالآخرة 1431   العدد  13764
 
مدائن
وجاء الأتراك
د. عبدالعزيز جار الله الجار الله

 

بدخول تركيا دائرة الصراع مع إسرائيل إثر الاعتداء الغاشم على قافلة الحرية انقشعت تضاريس العالم الإسلامي.. فقد حاولت إسرائيل ومعها أمريكا والغرب خلال الصراع على قضم فلسطين أن تجعل الصراع (فلسطيني- إسرائيلي) وتعزل العرب، لكنها الآن دخلت شباك الصائدين عندما دخلت تركيا الصراع لتوسع دائرته ويصبح صراعاً إسلامياً إسرائيلياً.

تركيا ومنذ عام 1923م أدارت ظهرها عن القضايا الإسلامية والعربية، وكانت مجبرة في بعض الحالات عندما اختار العرب الاستعمار الغربي الأوروبي على الخلافة الإسلامية التركية، فأدار الأتراك الجدد ظهورهم للعرب حتى استيقظوا في الألفية الجديدة واكتشفوا أنهم يستجدون أوروبا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بأي ثمن، وأوروبا أوصدت الأبواب والمنافذ، ويطول الاستجداء وطلب العطف من الغرب دون جدوى.

استيقظت تركيا بعد أن تأكد لها أنها تملك قوى أخرى قد تجعل من أوروبا تلهث وراءها لمصالحها ولحماية قارتها.. تركيا تملك تاريخ الخلافة الإسلامية، حيث كان الباب العالي يصدر أوامره لدول أوروبية كونها ضمن تابعية الدولة العثمانية.. وتملك القوة الديمغرافية سكانياً ودينياً تمثل أقوى قوة إسلامية.. وعلاقات وروابط طبوغرافية مع أراضي العرب وإيران يمكنها أن تطبق على الشرق الأوسط.

كما تأكد لها (أي تركيا) ومن خلال حروب إسرائيل الأخيرة في لبنان العام 2006م وفي غزة 2008م محدودية القدرة العسكرية الإسرائيلية. وحروب أمريكا في العراق 2003م وفي أفغانستان 2001م تأكد لتركيا أنها تملك قوة عسكرية تحسب لها أوروبا الحسابات الطويلة وحتى أمريكا التي فشلت في حروبها في العراق وأفغانستان قد استفادت من القواعد التركية التي كانت فاعلة، ورغم ذلك لم تحقق أمريكا أهدافها.

إذن، تركيا اليوم ليست تركيا الأمس التي تغلق في وجهها أبواب أوروبا لأنها تشكل مع مصر والعراق وباكستان ودول الخليج والمغرب العربي قوة بدأت تصحو من سبات الاستعمار الغربي الذي كان مطبقاً من أوائل القرن العشرين على تلك الدول باستثناء تركيا.

تركيا كانت لها سيادة البحر الأبيض المتوسط من أوائل القرن (14) الميلادي وسيطروا على العالم القديم: أجزاء كبيرة من غربي آسيا وشرقي إفريقيا وجنوبي أوروبا وأصبحت لهم سيادة البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر والبحر الأسود, لذا لم يقبل الأتراك أن تأتي إسرائيل الدولة المغتصبة وتصبح جندي وبحار الأبيض المتوسط.

الأتراك اليوم ليسوا أتراك أمس الذين كانوا يولون وجوههم شطر الغرب والاتحاد الأوروبي لأن مصالحهم الاقتصادية والسياسية شرق بلاد العرب والعجم أهم وأكثر جدوى وتحصيلاً من الإذلال على أعتاب أبواب الغرب الذي فشل في تحقيق أهدافه الكبرى في العراق وأفغانستان.. إذن، هناك خريطة سياسية وليس جغرافية بدأت تتشكل في الشرق الأوسط وتركيا ماضية في استثمار حالة التشكل وأول خطواتها كسر حصار غزة ودحر إسرائيل داخل مياهها الإقليمية.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد