من أجمل ما يدعونا إليه الخلق النبوي الشريف الذي وسمه الخالق العظيم بالعظمة أن يكون المرء لطيفا في تعامله, رفيقاً في صحبته، مسالماً في عشرته، سموحاً صفوحاً، ولا أدري: لماذا غدت هذه الأخلاق شيمة الضعفاء في عصرنا..؟ وكاد الإنسان الذي يتحلى بها أن يشعر بوهنه بين الشرسين، ذوي الفظاظة، المتسمين بالعنف والقدرة على الهجوم، قوتهم في أصواتهم بجرأتها، تتلون وتتشكل كلماتهم وفق ما تقودهم إليه ظنونهم، وترسمه قناعاتهم، يحسبون في ذلك حجة قدرة، أو قوة شخصية، بل يذهبون لمنح أنفسهم صفات القادرين، المواجهين، ذوي الحق، والذين لا يخفضون رقابهم، ولا يخبئون رؤوسهم كالنعام.. وما كانت الأخلاق يوما هي هذه القدرة، ولا هذا الاجتراء.., لكن يبدو أن مفهوم الحروب التي أغرقت الإنسان في هذا العصر قد زحفت لتسم أخلاق الإنسان، ومن حيث ترفعه فإنها تحط به تماما كما تسقط الرصاصة الجسد، تسقط الأخلاق الإنسان فيه.