تحليل - وليد العبد الهادي(*)
بدأ الأسبوع بإشاعة أربكت الأسواق تتعلق بالصين.. تلا ذلك تصريح من المركزي الأوروبي حول أصول سامة قد تجعل من منطقة اليورو رهينة (بند المخصصات)، لكن يبدو أن الأخبار السلبية يتم البوح بها بالتدريج.. ويظهر أن صنّاع القرار الاقتصادي لديهم سياسة إعلامية محترفة لبث مثل هذه الأخبار.. وإذا ألقينا نظرة على سلوك تعافي الأسواق من الأزمة المالية في 2009م وبدء تدهوره من جديد مطلع 2010م يمكن تشبيه هذا السلوك ب (الساعة الرملية) حيث هناك من غيَّر اتجاهها وبدأت تتحرك في اتجاه عكس ما كان منذ مارس 2009م وبث أخبار سلبية بشكل بطيء تماماً مثل ما يحدث داخل هذه الساعة، ولمزيد من التفصيل سنأخذ جولة اقتصادية نروي خلالها أحداث هذا الأسبوع لنعرف ماذا يدور خلف أهم العملات الأجنبية في العالم:
الدولار الأمريكي
للمرة الثالثة يختبر الدولار مستوى 87.5 أمام سلة عملاته بمشاركة من الذهب الذي وصل إلى 1230 دولاراً للأونصة تظهر بأن الخوف ما زال مسيطراً على الأسواق، لكن خام نايمكس تمكن بجرأة من الوصول إلى 74.4 دولار للبرميل لكنه لم يستطع مغادرة منطقة 75 دولاراً والتي تمثل مقاومة تاريخية، وكل ذلك لا يمثل سوى شغب مضاربين مؤقت.
أمريكا هذا الأسبوع شهدت أرقاماً رائعة مكنت الأسواق من الارتداد نهاية الأسبوع نذكر منها الإنفاق على البناء في إبريل الذي أظهر نمواً 2.7% مقارنة بنمو سابق 0.2% مستفيداً من زيادة الطلب في قطاع التشييد.. كما أن مبيعات المنازل التي تمت في آخر شهر ارتفعت من 5.3% إلى 6%.. وهما أبرز خبرين ساهما في تعويض جزء من خسائر أسواق الأسهم.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
نظرة على عزم الزوج وهو يسير في الاتجاه الهابط تبيّن أن عزوم البيع لم تهدأ حتى الآن حيث سجل الزوج قاعاً جديداً عند 1.211 ولا يزال مستوى 1.16 هدف للأسبوع القادم حتى البيع على المكشوف لم يشهد زخماً قوياً.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
نجح مستوى 1.37 من إعادة الزوج لقناته الهابطة واكب ذلك تجمع وتكدس للمضاربين وارتفعت شهية المخاطرة وأوصلت الزوج إلى 1.46 ويرجح الأسبوع القادم أن يلتقي بمستوى 1.52 لكن المخاطرة عالية لسبب بسيط وهو أن الاتجاه هابط حتى الآن.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
صراع شديد ومرهق بين الدولار والين تمكن من رسم قناة صاعدة جانبية متواضعة تظهر بأن مستوى 88 وما فوقها هي عملية تأسيس لاتجاه صاعد قوي جداً على المدى الطويل ولا يزال مستوى 94.6 هدفاً مرجحاً للأسبوع القادم.. وهو أقل الأزواج مخاطرة وأفضلها على الإطلاق.
اليورو
إشاعة أربكت الأسواق حول إمكانية قيام الصين بإعادة النظر في أصولها المقومة باليورو.. لكن سرعان ما نفت ذلك وارتدت من جديد.. لكن هناك تخوفاً من مستقبل سندات الخزانة الأمريكية التي باعتها على الصين مطلع الأزمة المالية والمقومة بالدولار خصوصاً لو أعلنت أمريكا عن رغبتها بإعادة جدولة ديونها وعرضت هذا الأمر على الصين ماذا سيحدث للأسواق المالية في العالم أجمع؟ وما إن هدأت الأمور حتى قام المركزي الأوروبي بالتحذير من أصول قيمتها 195 مليار يورو قد تتحول إلى سامة مما رفع أسعار السندات عليها.. كما توقع أن يتم تجنيب مخصصات بقيمة 90 مليار يورو هذا العام.. و 105 مليارات يورو خلال 2011م هذا بخلاف ما قيمته 238 مليار يورو التي شطبت في 2009م، هذا يعطي انطباعاً بأن الأصول السامة لم يتم وأدها حتى الآن ممكن أن نكون في منتصف الطريق إلى الخلاص منها، أما من حيث الأرقام فمبيعات التجزئة في ألمانيا لشهر إبريل نمت 1% مقارنة بتراجع 2.4% للشهر الذي سبقه وهو غير مستغرب لأن ألمانيا هي الأفضل حالاً في المنطقة يؤكد ذلك مؤشر مديري المشتريات الصناعي الذي وصل إلى مستوى 58.4 في مايو قادماً من مستوى 58.3 ولا يزال يخطو خطواته نحو الانتعاش، واليورو كان المحرك الأبرز له هو تصاريح المركزي الأوروبي حول الأصول السامة مما دفعه لتسجيل قاع جديد أمام الدولار.
الجنيه الإسترليني
صافي ائتمان المستهلك لشهر إبريل تراجع بشكل طفيف دليل انخفاض الاستهلاك المدفوع بالقروض الائتمانية مثل بطاقات الائتمان، ومؤشر (homtrack) للمنازل على المقياس الشهري في مايو يظهر استقراراً عند 0.2% نفس مستويات القراءة السابقة.. ولم يأت بجديد لكن تماسكه أفضل من تراجعه، ومؤشر مديري المشتريات الصناعي في مايو مستقر عند 58 نفس الشهر السابق وهذا الاستقرار في المؤشرات ساهم في الطلب على الجنيه مرة أخرى في الوقت الذي تنزف فيه منطقة اليورو لكن لا تزال بريطانيا تحت قبضة الانكماش المصحوب بالتضخم.
الين
الحكومة خفضت الرسوم الدراسية للتعليم في الجامعات لدعم الإنفاق الأسري بعد تراجعه بنسبة 4.4%.. هذا سيرفع من الاستهلاك في قطاعات أخرى من السوق، ومعدل البطالة يقف عند 5.1% والقراءة السابقة 5% جاء بعد تراجع على المقياس الشهري للإنتاج الصناعي لأول مرة منذ عشر شهور 1.3% لشهر إبريل دليل وجود انخفاض في الطلب على السلع مؤخراً وهي إشارة سلبية، أما مبيعات التجزئة فارتفعت بسبب الوقود لكن لا يبدو ارتفاعها مبشراً بطلب حقيقي وقوي على السلع.. كما أن المنازل حديثة الإنشاء على المقياس السنوي في إبريل نمت 0.6% لكن طلبات البناء تراجعت 25% لنفس الشهر مقارنة بالعام الماضي، كل هذه الأرقام ساهمت في الضغط على الين خصوصاً أمام الدولار.
(تم إعداد هذا التقرير منتصف جلسة الأسواق اليابانية يوم الخميس الساعة 4 صباحاً بتوقيت جرينتش)
(*)محلل أسواق المال
waleed.alabdulhadi@gmail.com