صحف - عبدالرحمن العصيمي
هل الشباب نعمة أم نقمة؟ هذا السؤال لا بد أن يتبادر إلى الذهن عندما تذهب إلى أحد المجمعات التجارية في مدينة الرياض وترى مجموعة من الشباب يحومون حول بوابات المجمع وصوت الموسيقى الصاخبة يخرج من سيارتهم، أو يقودون الدراجات النارية بصوتها المزعج ويضايقون بعض العائلات بتصرفات غير لائقة.
«صحف» حاولت أن ترصد هذه الظاهرة عن قرب وتأخذ رأي جميع الأطراف في هذه الظاهرة التي باتت مؤخراً تظهر على السطح.
للعوائل فقط
في البداية التقينا متعب البالغ من العمر 15 سنة والذي برر تواجده الدائم أمام المجمعات التجارية بسبب عدم وجود أماكن مخصصة للشباب، وعندما ذكرنا له بعض الأماكن الشبابية مثل المقاهي والاستراحات والمنتزهات قال: ليس كل الشباب يفضل هذه الأماكن، وبالنسبة لي أنا وأصدقائي فنحن نفضل المجمعات التجارية على هذه الأماكن التي ذكرتها، لأن المجمع التجاري نجد فيه المطاعم والمحلات التجارية بالإضافة لزوار المجمع.
وأضاف متعب قائلاً: اليوم قررت أن أذهب لمركز الملك عبدالعزيز التاريخي لكي أزوره وابتعد قليلاً عن المجمعات التجارية، فتفاجأت بأن الزيارات للمركز فقط للعوائل !! أما نادر المطيري أكّد على أن بعض الشباب يضايق العائلات بشكل سافر وواضح ولا يتم التعرض له، بل بعضهم يدخل إلى المجمعات التجارية بكل حرية ولا يتم التعرض له بسبب «بطاقة» يحملها تبين أنه ابن مسئول !!
ظاهرة متزايدة
وأخذت صحف رأي عائلة كانت تجلس أمام المجمع التجاري وهي عائلة عبدالعزيز المطوع الذي تحدث عن هذه الظاهرة وأشار إلى أنها في ازدياد بالآونة الأخيرة، وللأسف أن بعض الفتيات يتجاوبن مع هؤلاء الشباب بتلميحات وحركات تدل على إعجابهن بهم مما يشجع الشباب أكثر على القدوم إلى المجمعات.
وأضافت أم عبدالعزيز قائلة: أنا لا ألوم الشباب بشكل كبير لأنه لا يوجد أماكن يستطيعون من خلالها قضاء أوقاتهم فيضطرون إلى الإتيان للمجمعات التجارية في أوقات فراغهم.
كل ممنوع مرغوب
وأشارت الشابة هند بأن كل ممنوع مرغوب، وأيدت بشدة أن تكون المجمعات التجارية مفتوحة للشباب في كل الأوقات وقد تحدث بعض السلبيات في البداية لكن مع الوقت سيعتاد المجتمع على هذه الخطوة وستحل الكثير من الإشكالات.
وأضافت هند بأنها رأت بعينها بعض الفتيات اللاتي يتجاوبن مع هؤلاء الشباب بعبارات إعجاب مما تشجع الشباب على التواجد وبكثرة أمام المجمعات التجارية.
وقالت: لا أظن تواجد رجال الأمن أمام المجمعات سينهي المشكلة لأن الموضوع يتعلق بالثقافة والتربية، ولقد رأيت في أحد المجمعات التجارية بعض الشباب يقومون بحركات غير لائقة أمام رجال الأمن وهربوا ولم يستطع الأمن القبض عليهم، فالمسألة لا تتعلق بالأمن بقدر ما تتعلق بالتربية والتفكير لدى الشاب.
تحايل على المنع
عبدالرحمن المحمد قال إن منع الشباب من دخول المجمعات هو السبب الرئيسي في جعل الشباب يحومون أمام البوابات ويسببون المضايقات للعوائل، والغريب أن بعض الشباب يدخلون إلى المجمع رغم هذا المنع بطرق ملتوية، فمثلاً بعض الشباب يطلب من بعض العائلات إدخاله للمجمع ويساعدونه في ذلك، وعرف عدد من أصدقائي يدفعون 50 ريالا لبعض الفتيات كي تدخله للمجمع، ومؤخراً اكتشفت بأن بعض الشباب يأتي مع الخادمة كي يدخل إلى المجمع!!
اين نذهب
أما الشاب سلمان فاستغرب انزعاج بعض العائلات من تواجد الشباب أمام أو بداخل المجمعات التجارية، لأن من حق الشباب أن يتجولوا بالأسواق مثل العائلات.
وأبدى سلمان امتعاضه من بعض تصرفات الشباب التي للأسف شوهت صورة الشباب السعودي لدى أغلب أفراد المجتمع، وقال سلمان: لا بد أن نميز بين الشباب ولا نتهمه بتهمة لا علاقة له بها، وأنا أوجه سؤال للمسئولين: أين تريدون من الشباب أن يذهب؟ هل وضعت أمانة مدينة الرياض منتزهات خاصة للشباب وفيها مجالات للمتعة والفائدة؟ لماذا لا يتم وضع منتزهات مائية مثلاً أو حدائق مجهزة للشباب؟ وستكون فائدتها عظيمة من الناحية الاجتماعية وكذلك من الناحية الاقتصادية.
لن أدخلها لو فتحت على مصراعيها
(لو تم فتح أبواب الأسواق على مصراعيها للشباب لن أدخل) بهذه الجملة بدأ «ر،ز» حديثه مؤكداً على أن سبب مجيئه للمجمعات التجارية هو معاكسة الفتيات اللاتي يجلسن أمام بوابات المجمع لأن إعطائهن رقم جواله سهل جداً، فبمجرد أن يعلي صوت مسجل السيارة بأغنية وإنزال شباك السيارة وابتسامة كفيلة بجلب رضا الفتاة وإعطائها رقمه!! وأشار بأن سبب جرأته هذه هو الكبت الذي يتعرض له الشاب ومنعه من كل شيء، فمن الطبيعي أن يلجأ الشاب للتمرد ومعاكسة الفتيات كحالة انتقام من المجتمع، والحادثة التي حصلت بمدينة الخبر في اليوم الوطني قبل أشهر هي دليل على كلامي عندما حطم الشباب بعض المطاعم وسببوا الفوضى العارمة بكورنيش مدينة الخبر.
مفتوحة للشباب حتى الظهيرة
وفي الختام التقينا بمسئول الأمن في أحد المجمعات التجارية الكبرى بمدينة الرياض الذي فضل عدم ذكر اسمه الصريح والرمز له ب (خ.ع) والذي ذكر بأن دخول الشباب للمجمعات التجارية يأتي تلبيةً لرغبات أغلب العائلات، والمجمعات التجارية أبوابها مفتوحة للشباب في الصباح إلى وقت الظهيرة ويستطيعون شراء ما يحتاجون له في هذا الوقت.
ونوه (خ.ع) بضرورة تكريس الثقافة الأمنية لدى الشباب، وأنهم لا بد أن يستشعروا بضرورة الأمن لأهاليهم وعائلاتهم وعدم تجاوز الأنظمة والقوانين، لأن هذا الوطن في النهاية وطنهم الغالي.