لم يبق سوى أيام معدودة على بداية اختبارات نهاية الفصل الدراسي الثاني، وذلك ببداية فترة الاختبارات لأبنائنا طلاب المرحلة المتوسطة والثانوية، أما بالنسبة للمرحلة الابتدائية - ومع إقرار التقويم المستمر وإلغاء الاختبارات - فهي البداية لتذبذب وتضارب الآراء، وعدم وضوح الرؤى لكيفية استغلال هذه الفترة، كما حصل بالعام المنصرم، والفصل الدراسي الأول ففترة أسبوعين - وهي فترة اختبارات المرحلة المتوسطة والثانوية - ليس بالقصيرة، ومن العجب أن كثيراً من العاملين بالميدان التربوي أصحاب الشأن لا يعلمون كيف ستسير الأمور خلالها- بعد أن صرح وكيل الوزارة الدكتور محمد الرويشد بضرورة استمرار حضور الطلاب وتدريسهم دون تفصيل - فهل سيتم إلزام الجميع بالحضور كامل اليوم الدراسي؟ أم كل مدرسة تفعل ما تراه مناسبا لها؟ أم سيقتصر على حضور جزء من الوقت لا يتجاوز الساعتين؟ أم ماذا؟ فطلاب المرحلة المتوسطة والثانوية يؤدون الاختبارات وخروجهم سيكون مبكرا لا يتجاوز في بعض الأحيان الساعة الثامنة، وبماذا سيُشغل الوقت إن تم إلزام الجميع بالحضور كامل الوقت، أو جزء منه؟ هل بنشاطات لا صفية؟ أم بتدريس المقرر؟ أم بماذا ؟ أسئلة كثيرة محيرة بإجابات متضاربة لا تنطلق من حقيقة ما هو عليه الميدان التعليمي والتربوي.
فغياب الخطط المبنية على أهداف واضحة، وعدم وجود البرامج المعد لها مسبقاً، والآلية المحكمة لضبط الدوام والاستفادة منه يؤدي إلى حدوث خلل وإرباك وعدم انضباط داخل المدارس، مما يؤدي إلى تفشي بعض الظواهر والسلوكيات السيئة، فمعظم المدارس الابتدائية ليس لديها القدرة على إيجاد برامج ترفيهية تناسب جميع مراحلها، ولا يوجد بها إمكانيات لاستغلال تلك الفترة بالأنشطة ألاّ صفية التي تنمي مهارات الطلاب وقدراتهم، وتشبع رغباتهم وهواياتهم، مما سيدفع بأولياء الأمور بعدم إحضار أبنائهم للمدارس خلال هذه الفترة وذلك لانعدام الفائدة فيها، وإشغالهم بعملية نقل أبنائهم من وإلى المدرسة فقط.
إن القرارات غير المدروسة والتي لا تخدم العملية التعليمية ولا التربوية وغير واضحة الهدف والبعيدة كل البعد عن حقيقة الواقع في الميدان نتائجها وسلبياتها لا تكاد تحصى على المدى البعيد، لذا كان لزاماً من هذا المنطلق أن يُنظر إلى تلك الفترة نظرة شاملة لما تقتضيه المصلحة العامة بغض النظر عن الجزئيات، وبدراسة محكمة منطلقة من الميدان تلبي الاحتياجات الأساسية التي تنعكس مستقبلاً على أداء المعلم وقيامه بدوره التعليمي والتربوي على الوجه الصحيح، ولعل من المناسب كحل مقترح: أن تُستغل هذه الفترة بزيادة النمو المهني لدى معلمي المرحلة الابتدائية، فمعلم المرحلة الابتدائية عليه حمل ثقيل، ومسؤولية عظيمة، فهو أساس بناء الطالب، وكلما كانت القاعدة قوية كلما كان البناء شامخاً متماسكاً، ومن الخطأ إغفال هذه المرحلة أو التساهل بها، فمن الضروري أن يلم معلميها بكيفية التعامل مع الأطفال، والتعرف على خصائص نموهم، وكسب مهارة حل المشكلات، والقدرة على التنوع في طرائق التعليم، والاستخدام الأمثل للحاسب الآلي والوسائل التعليمية والتقنية الحديثة، وطرق التعليم بالترفيه، وكيفية غرس مهارة التفكير والإبداع في نفوس الناشئة - وهذا ما يفتقده كثير من معلمي المرحلة - وليكن ذلك عن طريق إدارة التدريب والتطوير التربوي، أو عن طريق مراكز التدريب التربوي المعتمدة، مع إيجاد الحوافز التشجيعية للمعلمين «مادية أو معنوية « كي تكون لهم دافعاً للتفاعل مع تلك البرامج.