في عام 1997م تأسست في ألمانيا شركة (فيتا-34) كأول شركة أوروبية تعمل في مجال تحضير وتخزين وتوزيع دم الحبل السري الذي يحتوي على الخلايا الجذعية Cord Blood Stem Cells وهي شبيهة بخلايا النخاع، تساعد على إنتاج خلايا العظام والغضاريف والعضلات والكبد وبطانة الأوعية الدموية. وتعالج العديد من الأمراض الخطرة مثل سرطان الدم، والثدي وأمراض الرئة والزهايمر ونقص المناعة. وتأكدت فاعليته على إنتاج خلايا عضلات القلب، وإمكانية أن يشكل بديلاً ناجحاً في المستقبل لعمليات زراعة القلب، ولعلاج جلطات المخ ومرض السرطان وذلك بحقن الدم في الخلايا قبل اللجوء للكيميائيات والأشعة النووية. وعلى الرغم أنه لا يشمل علاج جميع الأمراض، إلا أن العلماء يأملون إمكانية تطويره لعلاج أمراض أخرى في المستقبل القريب.
وقد ظهر أول دليل على الاستفادة الطبية من دم الحبل السري عام 1972م في أمريكا بعد حقن مصاب بأبيضاض الدم عمره 16عاما بدم الحبل السري، وبعد أسبوع واحد لاحظ الأطباء أن دمه أصبح يحتوي على خلايا حمراء منشؤها الخلايا الجذعية للمانح.
ويستخدم دم الحبل السري حاليّاً كبديل لعملية زرع نخاع العظام، حيث سجلت أكثر من 600 حالة في العالم تم فيها نقل دم الحبل السري بنجاح. والإيجابي في هذه العملية تخليص المريض من مشكلة رفض الأجزاء المزروعة المأخوذة من متبرع غريب؛ لعدم تلوثها بالفيروسات. وقد عُولجت طفلة أميركية تبلغ من العمر خمس سنوات تعاني من ورم (أرومة العصبي) بواسطة الخلايا الجذعية المستمدة من دم حبلها السري قبل سنة، وشفيت من مرضها الآن تماماً، كما عُولجت الطفلة (مولي ناشي) بدم الحبل السري لأخيها المولود حديثاً.
ويمكن الحصول عليه بسحب الدم من أوردة الحبل السري بحجم80 ملِّ ونقله بواسطة حافظات خاصة خلال 24 ساعة من لحظة سحبه، ومن ثم تجميده بدرجة 196مئوية تحت الصفر في النتروجين السائل، ولديه مقاومة عالية للتجميد سنين طويلة. بعد ذلك يتم إغلاقه بإحكام وتثبت عليه المعلومات المطلوبة. ويحفظ في بنوك خاصة لذلك بعد وضع بطاقة تعريفية لكل عينة. ولأن الحصول على هذا الدم يتم أثناء الولادة (وهو وقت محدود نسبياً) فيجدر التعامل معه بحذر واهتمام. وهذا الإجراء لا ينطوي على أية مجازفة بالوليد أو بحياة الأم.
وإن كان يعد دم الحبل السري من النفايات سابقاً، إلا أنه ينبغي التعامل معه كونه مصدراً ثميناً غنياً بالخلايا الذكية والنادرة التي تجمع بعد الولادة الطبيعية أو القيصرية، وهذه الخلايا قادرة على تقسيم وتجديد نفسها لفترات طويلة لخلايا بديلة لأجزاء الجسم المتضررة.
ويبشِّر استعمال دم الحبل السري بآفاق جديدة في عالم الطب والعلاج في ظروف ملائمة لقلة الآثار الجانبية وانخفاض تكاليفه المادية، وسهولة الحصول عليه دون خطر أو ألم على الأم أو الطفل، ووجود استجابة للخلايا المنقولة من الحبل السري أكبر من الخلايا المنقولة من نخاع العظام، كما يمكن تخزينه للاستعمال الشخصي سواء للطفل المولود نفسه أو التبرع به للآخرين، إضافة لوجود عدد كبير من المتبرعين، حيث يمكن لأهالي أغلب الأطفال الأصحاء جنينياً وجسدياً التبرع بهذا الدم.
وبرغم فوائده، فهناك مخاطر تترافق مع هذا الإجراء مثل احتمال وجود أمراض جينية وراثية في دم الحبل السري، مما يسبب مرضاً للمتلقي كفقر الدم الخلقي أو نقص المناعة. وهذه قد لا تظهر إلا بعد عدة شهور أو سنوات، ويمكن لبنوك دم الحبل السري تجنب هذا الخطر بالحجر الصحي للدم مدة تتراوح بين ستة شهور إلى سنة للتأكد من خلو المانح، كما أن بعض الحبال السرية تحتوي على عدد محدود من الخلايا الجذعية بحيث لا يستفيد منها بعض المرضى، إلا أنه يمكن زيادتها بهندسة الخلايا الجذعية.
ويوجد نحو ثلاثين بنكا لدم الحبل السري على مستوى العالم، بينما في الشرق الأوسط لا يوجد سوى بنك واحد في دبي!
فأين مستشفياتنا من هذه الثروة المهدرة لأكبر عدد مواليد في العالم، ونحن أكبر بلد مورد للأدوية؟!
www.rogaia.net
rogaia143@hotmail.com