بين مفرقين غالباً ما تسقط تفاصيل كثيرة، بعضها تبلغ خساراته ما يكبد المرء صبره كأول مبذولاته، وجهده ووقته وهو الأهم، كآخرها، وبينهما ماله... ومآله...
حين استغنى المرء عن خط يده إلى خط الأجهزة، خسر كثيراً، ومما خسر أن يجد اسمه البادئ «على سبيل التمثيل لا الحصر» بحرف الميم، وقد أصبح مبتدئاً بحرف الضاد أو الهاء، والمطالبة بتصويبه تتطلب مكابدات قد تصل لشهادة شهود, أو وثائق عفا عليها الزمن...
وحين تمت الانفتاحة على العالم الأوسع، سقطت تفاصيل تقتضي التدرج في التخلي عنها، أو الإضافة إليها... وعندما لم يتم الانتباه للتفاصيل الدقيقة، سقطت جذور ونهضت قشور... والنتيجة على كل الأصعدة، خسارات فادحة على مستوى الهوية الذاتية, ثقافة، ومعتقداً، وقيماً... بل أخلاقاً... ومنها أولاً أخلاق التعامل، والتنافسية تتصدرها...
إنه في كثير من مجتمعات البشر، إن لم يخطط للانتقالات، ويتم جعلها تمر بهدوء، وتدرُّج، فإنها ستأتي بخسارات كبيرة، لتفاصيل وإن صغرت، لكنها مثل الذرة، أو النواة, يكون صغرها البالغ، لا يلغي دورها الأكبر، وعدمها الفاني، لا يمنع حياتها الأوسع... حين تكون الذرة مبتدأ القنبلة، وتكون النواة الميتة فاتحة الشجرة...
في مفاصل المراحل، وعند المفترقات بين حالة وأخرى، يُهيأ لي أن على الإنسان أن يكون أكثر ذكاء وانتباهة، فطالما قدرَ على أن يفكر في الانتقال, فإن عليه أن يتقي خسارات السهو عن التفاصيل...