سليمان الهويريني
على شرف الدكتور عبد العزيز السبيّل رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون اختتمت ليلة الأربعاء الماضي آخر العروض المسرحية لمهرجان المونودراما الثاني التي انطلقت من مركز الملك فهد الثقافي بالرياض مساء السبت الماضي برعاية كريمة من معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة، وكان قد سبق عرض ليلة الختام العرض الخاص بجامعة الملك سعود لمسرحية (كماش الخطير) من تأليف وإخراج الأستاذ خالد الشريمي وتمثيل الطالب الجامعي حمد الصالح، حيث أبدع الشريمي والصالح في شد الجمهور المتعطش لمثل هذه الأعمال المسرحية الجديدة على ذائقته، كماش الخطير كان أسلوبا ً إيحائيا ً للتفرد والتعقل والتفكير في ماهية جرمه وسبب سجنه، فهل كان البنك الذي استطاع أن يستولي عليه بطل المسرحية قائما ً بذاته أم كان إسقاطاً من المؤلف على أشياء أخرى أرادها هو أن تكون قابلة ً للتفسير من المتلقي ولو بعد حين، مرايا وسجن وسجين ومناجاة ومحطات توقف أبدع في التعامل معها حمد الصالح (كماش)، مستحثا ً فكر المتلقي قبل مهجته في فن التواصل وسهولة تلقي تلك الرسائل واستنباتها، وهذا هو الهدف المنشود وربما الرئيس الذي يهدف له هذا النوع من المسرح (المونودراما) مسرح الممثل الواحد وايماءات الضوء والصوت والجسد..
في الجلسة النقدية التي رأسها الكاتب وصاحب النكتة الحاضرة محمد السحيمي كانت جلسة نقدية مكتنزة بالعصف الذهني الثرّ والغني بالملاحظات وكأنها ورشة عمل ٍفنية تفاعل معها الحضور من غير المتخصصين في الشأن المسرحي ولو لم يأت من تلك المهرجانات إلا ذلك لكفته جمالاً وإثراء..
وجاءت مسرحية (حالة بلع لسان) من فرع الجمعية بنجران معلنة ختام المهرجان، حيث عرضت المسرحية عند الساعة التاسعة مساء بمركز الملك فهد الثقافي بحضور د. عبد العزيز السبيل رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون ود. محمد الرصيص مساعد رئيس الجمعية وعدد من الممثلين والمثقفين والفنانين وحشد كبير من جماهير المسرح.
المسرحية من تأليف خالد الشاطري وإخراج سلطان الغامدي وتمثيل الحسن آل صالح وديكور سلطان القرعاوي، حيث ناقشت المسرحية موضوعاً تاريخياً إبان الخطابات العروبية في الستينات الميلادية، معلنة أن اللسان في تلك السياسات الشمولية لا مكان له سوى أن يبتلعه صاحبه وذلك أخف الضررين.
وعقد بعد نهاية المسرحية جلسة نقدية بقيادة المخرج المسرحي عايض البقمي من جامعة الملك سعود وبجواره مؤلف ومخرج المسرحية ودار نقاش موسع حول الرؤى الفنية في المسرحية التي لاقت استحسان الكثير وصفق لها الجمهور كثيراً.
عقب الجلسة النقدية قدم مدير المهرجان رجاء العتيبي كلمة أعلن فيها ختام المهرجان بعد 5 أيام من المنافسة الشريفة والإبداع والتميز وقال: «إن الجمعية عندما تتفاعل مع المسرح بوصفه أحد أنشطتها الرئيسة فإنها تقدر تلك الجهود التي تبذلها فروع الجمعية في دعم المسرح وتعي أهميته في تشكيل تأسيس وعي جمالي لدى أبناء المنطقة باعتبار الفنون ضرورة من ضرورات المجتمعات وليس ترفاً، مبيناً أن مهرجان الرياض المسرحي للمونودراما سيبقى مستمراً في أعماله باعتباره رافداً من روافد الحركة المسرحية في السعودية.
وقدم العتيبي شكره للفرق المشاركة مؤكداً أن النجاح يكون بهم ومعهم ولهم.
ثم قدم الدكتور حزاب الريس رئيس لجنة التحكيم كلمة بهذه المناسبة أكد على فن المونودراما مشيراً إلى أهمية دعمه باعتبار هذا المهرجان منطقة جديدة يحتاجها المسرح السعودي.
ثم أعلن قرار لجنة التحكيم التي جاءت على النحو الآتي:
* أفضل عرض متكامل مسرحية المونودراما (حالة بلع لسان) تقديم فرع الجمعية بنجران.
* أفضل مخرج علي الخبراني من فرع الجمعية بجازان عن مسرحية المونودراما (ترياق).
* أفضل ممثل حمد الصالح من جامعة الملك سعود عن مسرحية المونودراما (كماش الخطير).
* أفضل نص د. أحمد إبراهيم - من فرع الجمعية بحائل.
* وحجبت اللجنة جائزة أفضل سيونوقرافيا لعدم توفرها وفق شروطها الفنية في العروض.
بعدها قدم د. عبد العزيز السبيل كلمة مرتجلة أكد فيها على أهمية مثل هذه المهرجانات وأنها فرصة للتلاقي وتبادل الخبرات مشيراً إلى أهمية توسيع نطاق المهرجانات وضرورة أن يشترك الناس والمجتمع بها وأن يكون كل اليوم مهرجان وألا يقتصر على ساعات محددة.
وفي نهاية كلمته شكر فريق العمل بالمهرجان والفرق المشاركة ولجان التحكيم مؤكداً أن النجاح عبارة شراكة جميلة يتفق عليها الجميع.
وكان المهرجان قد كرّم في حفل الافتتاح طاقم أول مسرحية (مونودراما) سعودية وهي (صفعة في المرآة) وهم: راشد الشمراني ممثلاً، عبد العزيز الصقعبي مؤلفاً، عبد العزيز الرشيد مخرجاً، والتي قدمتها جمعية الثقافة والفنون بالطائف العام 1983م.
وبعد..
الأعمال الجميلة التي استمتعنا بمشاهدتها منذ السبت وأصحابها رغم بداياتها الماتعة إلا ّ أني أرى بصيصاً من نور ٍأبيض قادم مع دفء وحميمية وهجهم وحماسهم الذي يثلج الصدور، تلك الأيام القلائل يجب ألا نتوقف عندها فالمسرح ليس فقط مهرجانات وقتية تنتهي متى ما نفض السامر، بل هي رسالة ٌ ثقافية ٌ يعول عليها رقي الشعوب وتحميلها تطلعاتها وطموحها.