تحليل: وليد العبدالهادي
أفسدت منطقة اليورو على (بريطانيا) ميزانها التجاري، وضغطت على صادراتها، والتخوُّف القادم من الصين، كما أن هبوط عملاتهما لا يمكن الاستفادة منه في مثل هذه الأجواء، والقطاع المصرفي الأوروبي يتلقى أولى ضرباته في (إسبانيا) وكبرى الشركات قد تكون ضحية جديدة، أما صناديق التحوط فيبدو أن التحرش بها (مكلف للغاية) وفيه ندية خصوصا من ألمانيا، وهم وراء تدهور أسواق الأسهم ثم السلع وأخيرا العملات الأجنبية في الفترة الممتدة من 2001م حتى الآن، وآخر ضحاياهم (اليورو)، لكن من الإيجابيات هذا الأسبوع النفس العميق لدى المستهلك في أمريكا، الذي تم تأكيده من أرقام السلع المعمرة، كذلك الهدوء الجميل والعجيب في طوكيو مقارنة بالعواصم الأخرى. ولمزيد من التفصيل دعونا نأخذ جولة اقتصادية نستعرض خلالها أحداث هذا الأسبوع؛ لنعرف ماذا يدور خلف أهم العملات الأجنبية في العالم.
الدولار الأمريكي
خام نايمكس ارتد مضاربيا من 67.5 دولار للبرميل إلى 73.3 دولار على الرغم من ارتفاع مخزونات النفط الأمريكية 2.4 مليون برميل، ولا توجد إشارات إلى طلب استثماري حقيقي حتى الآن (عبث متحوطين فقط). من الأسباب تراجع زخم الصعود في الدولار بعد أن زار مستوى 87 أمام سلة عملاته لمرتين؛ لذا يرجح أن يواجه الدولار ضغوطا من الذهب الأصفر والذهب الأسود مؤقتاً. مبيعات المنازل القائمة لشهر إبريل نمت إلى 7.5 % بزيادة 0.7 % تقريبا، أما الجديدة فنمت مبيعاتها إلى 504 آلاف منزل، والقراءة السابقة كانت 411 ألف منزل، لكن هذا النمو في المبيعات أقل وتيرة من العام الماضي لشهر إبريل، والأرقام المجمعة منذ بدء الأزمة المالية تظهر تراجع الزخم في أسعار المنازل وتدني معدل الاستهلاك في مثل هذا القطاع، وثقة المستهلك في مايو تنمو بقوة إلى مستوى 63.3 مقارنة بالقراءة السابقة 57.9، وهي علامة استفهام كبيرة قد تكون بسبب تحسن ائتمان المستهلك هذا العام، وطلبات السلع المعمرة في إبريل تدخل منطقة الانتعاش بنموها 2.9 % مقارنة بانكماش 1.3 %، وهذا دليل على تحسُّن الاستهلاك لأنه بدأ يصل إلى سلع غالية وعمرها طويل الأجل، أي نَفَس الاستهلاك لدى الأمريكيين بدأ يطول.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
لا يزال الزوج في رحلة إلى التعادل وبعد التوازن المؤقت عند 1.22 الذي تمت الإشارة إليه في التقرير السابق يرجح أن يكمل الهبوط إلى 1.16 بشكل متدرج، وهي منطقة تاريخية عظمى لا بد أن تحترم.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
الهروب من القناة الهابطة الحالية يبدو صعب المنال للبائعين، لكنه مرجح في الأسابيع القادمة، ولا يزال الاتجاه هابطا والمخاطرة فيه عالية، وثمة سيناريو ممكن أن يحدث خلال العام، وهو تعادل الجنيه مع الدولار سعريا، والهدف القادم القريب هو 1.37.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
مفاجأة الأسبوع كانت من هذا الزوج، وهو كسر الاتجاه الصاعد والتحول إلى المسار الجانبي بسبب انخفاض شهية المخاطرة لدى اليابانيين خصوصا وإقبالهم على شراء الين ومستوى 88.5 هدف للأسبوع القادم، وهو محط الأنظار .
اليورو
أربعة بنوك إسبانية تتحدث عن اندماج بقيمة 140 مليار يورو، وبنك يعلن إفلاسه، وهي إشارة سبق الحديث عنها خلال التقرير السابق، والقائمة قد تطول خلال العام، مع محاولات من الاتحاد الأوروبي لتنظيم عمل صناديق التحوط والحد من عبثها، لكن ألمانيا منعت عمليات البيع على المكشوف مؤقتا، والاتحاد الأوروبي رفض منع البنوك من البيع على المكشوف بعكس ما فعلت ألمانيا مما أعدى المتعاملين لأسواق الأسهم بشكل حذر. ويبدو أن اللعب مع مديري هذه الصناديق مكلف للغاية، وفيه ندية؛ حيث هي من وراء العبث في أسواق العملات والسلع، وإيطاليا تقر خطة لخفض الإنفاق بقيمة 24 مليار يورو مع خفض للواردات 10 %، والسلوك نفسه في بريطانيا والبرتغال وسبقتهما قبل ذلك كل من إسبانيا واليونان، ومعروف أن خفض الإنفاق الحكومي لا يجلب الاستثمار إلى الأسواق بل بالعكس، وهذا من الأسباب الرئيسية لهبوط أسواق الأسهم. أما ثقة المستهلك الألماني فتراجعت إلى مستوى 3.5 بنسبة 7 %، وكانت مفاجأة، لكن تبقى ألمانيا البلد الأفضل حالا في المنطقة المنكوبة.
الجنيه الإسترليني
الناتج المحلي الإجمالي السنوي أفصح عن انكماشه في الربع الأول 0.2 % مقارنة بانكماش 0.3 % للفترة نفسها من العام الماضي، وعلى الرغم من التقليص الطفيف إلا أن الأسواق لم تكترث له، وكان ناتجا من نمو الواردات 1.4 % وتراجعا قويا في التصدير، وهي معادلة خاسرة في التبادل التجاري، ويشير ذلك إلى تراجع التصدير إلى منطقة اليورو أخيراً، ولا ننسى أن الجارة الشقيقة (منطقة اليورو) ستساهم في تدهور الميزان التجاري لبريطانيا حيث تمثل المرتبة الأولى في التعاملات التجارية البينية، أما الجنيه فالضغوط عليه قادمة من عجز الناتج المحلي ومصير التجارة العالمية، ويرجح أن يستمر في الخسارة أمام الدولار والين خصوصاً.
الين
الميزان التجاري للسلع في شهر إبريل يفيد بنمو إلى 729 مليار ين مقارنة بالقراءة السابقة 666 مليار ين؛ بسبب ارتفاع الطلب من الصين على السلع اليابانية، وهذا المؤشر ساهم في زيادة الطلب على الين أخيراً. وننتظر أسعار المستهلكين ومبيعات التجزئة نهاية الأسبوع، والمرجح أن تكون مفرحة، لكن انخفاض شهية المخاطرة في مؤشر (نيكاي) وكسره لدعم أسبوعي عند 10.100 نقطة زادا من الزخم على الين، لكن مع نهاية الأسبوع بدأت تعود الشهية تدريجيا، ولافت أن الاقتصاد الياباني أهدأ الاقتصاديات العالمية خلال مايو، والتخوف لديهم نابع من احتمال انخفاض الطلب من الصين.
(تم إعداد هذا التقرير منتصف جلسة الأسواق اليابانية يوم الخميس الساعة 4 صباحًا بتوقيت جرينتش)