أكثر المتفائلين في الشأن العراقي يعطون أربعة أشهر قادمة لإنجاز تشكيل الحكومة العراقية التي تواجه مأزق «تشبث» نوري المالكي وحزبه «حزب الدعوة»، وإصراره على أن تظل الحكومة خاضعة لهذا الحزب ورئيسه المالكي، في خرق فاضح ل(الدستور) الذي وضعه جماعة الغزو والاحتلال الأمريكي، ومنهم أعضاء حزب الدعوة الذين كانوا أكثر المناصرين والمشاركين للغزو والاحتلال. فالدستور العراقي الموضوع من جماعة الاحتلال، الذي أقره مجلس النواب السابق واستفتى عليه الشعب، يؤكد أن الكتلة الانتخابية الفائزة بالانتخابات تُكلَّف بتشكيل الحكومة، وفي الانتخابات العراقية الأخيرة فازت «القائمة العراقية» بهذه الانتخابات وبفارق مقعدين عن قائمة نوري المالكي، وهنا أُصيب المالكي وجماعته بجنون فاضح، وأخذوا يتصرفون تصرفات أثارت استغراب وغضب العراقيين بما فيهم حلفاؤهم من الكتل والأحزاب.
في البدء شككوا في نتيجة الانتخابات، واتهموا مفوضية الانتخابات، التي تضم أعضاء هم الذين اختاروهم، وأن الانتخابات جرت تحت إشراف وهيمنة وسلطة الحكومة التي يرأسها نوري المالكي الذي كان يرأس، وبأمر القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، حتى أن الأوامر صدرت من قادة القطاعات العسكرية بالتصويت لقائمة رئيس الوزراء لضمان عدم غضبه، ونقل الوحدة العسكرية التي لا يصوِّت أفرادها لمرشحي المالكي إلى أماكن أشد خطورة، ومع هذا لم تحصل قائمته على المركز الأول؛ ما أضاع على المالكي فرصة تشكيل الحكومية والبقاء في منصبه الذي يتحرق العراقيون شوقاً إلى قرب مغادرته بعد أن شهدوا أشد صور التسلُّط والإقصاء والدكتاتورية، ليس فقط في ممارسات نوري المالكي وتسلُّطه على صلاحيات زملائه الوزراء، وجواد البولاني وزير الداخلية شاهد على ذلك، وكثيراً ما اشتكي دون أن يسمعه أحد.
الورطة الأخرى التي اكتشفها العراقيون هي هيمنة حزب الدعوة على جميع الوزارات؛ فكل وزارة وكيلها الأقدام من حزب الدعوة، وهو الذي يوجِّه إدارات الوزارة التنفيذية؛ لأن الوزير متفرغ لتنفيذ أجندة حزبه السياسية، والعمل بكل الوسائل على اقتناص حصة حزبه وحصته من المال العام العراقي الذي أصبح تحت رحمة الأحزاب المتحالفة مع المالكي؛ لتقسيمه فيما بينهم وترك المواطن العراقي غارقاً في مشاكله اليومية.
فالخزينة العراقية المتخمة بمليارات الدولارات توزَّع لإرضاء حلفاء المالكي ومليشياته؛ لهذا فإن المالكي يحارب ويقاتل بشراسة للبقاء على رأس الحكومة حتى لا يفقد حصص أموال الحرام، وحتى لا يحاسب بعد أن يزاح عن السلطة.
jaser@al-jazirah.com.sa