Al Jazirah NewsPaper Saturday  29/05/2010 G Issue 13757
السبت 15 جمادىالآخرة 1431   العدد  13757
 
إسرائيل تناور والحل هو فرض السلام
عبد الله بن راشد السنيدي

 

بعد أن تم تنفيذ وعد (بلفور) وهو وزير خارجية سابق لبريطانيا سنة 1948م بإيجاد وطن لليهود في فلسطين قررت هيئة الأمم المتحدة تقسيم فلسطين بين الفلسطينيين ومن ورائهم العرب لم يقبلوا بقرار التقسيم لعدم إيمانهم

في الأساس بإقامة دولة إسرائيل على أرض عربية، وكانت إسرائيل من سنة 1948م حتى قبيل حرب سنة 1967م مع وجود الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى وقطاع غزة في حوزة العرب، حيث كانت الضفة تدار من الأردن والقطاع من مصر تتمنى اعتراف العرب بها وإقامة السلام معها، ولكن بعد قيام حرب 1967م وانتصار إسرائيل فيها تغيرت وجهة نظر إسرائيل حيث أصبحت تركز على الاحتفاظ بالأراضي العربية المحتلة وعدم إعادتها للعرب رغم صدور قراري مجلس الأمن الدولي (238) و(242) بعد الحرب بفترة وجيزة اللذين يطالبان إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية التي قامت باحتلالها في تلك الحرب، ورغم عدم وجود أي مشروعية لها في الاحتفاظ بتلك الأراضي ورغم (مؤتمر مدريد) للسلام سنة 1991م الذي عقد بمشاركة زعماء الدول الكبرى ودول منطقة الشرق الأوسط وكذلك رغم اتفاق (أسلو) الذي عقد بين إسرائيل والفلسطينيين وكان الهدف منه إحلال السلام بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية.

وقد كان موقف إسرائيل من قراري مجلس الأمن الدولي - سالف الذكر - موقف الاستهتار واللامبالاة وذلك بسبب مجاملة الدول الكبرى لها وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وهو الأمر الذي أدى إلى احتفاظ إسرائيل بالضفة والقطاع والجولان حتى الآن.

لقد طرحت الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق (بوش) فكرة الدولة الفلسطينية ووعدت بإقامتها سنة (2005م) ولم يتحقق ذلك، ثم وعدت بإقامتها سنة 2009م ولم يتحقق ذلك أيضاً وذلك لنفس السبب الذي شجع إسرائيل في عدم الانصياع للقرارات الدولية ولعدم وجود ضغوط جادة من الإدارة الأمريكية السابقة تجاه إسرائيل إضافة إلى وجود شرائح من الإسرائيليين لا يرغبون في إقامة السلام ولا إقامة الدولة الفلسطينية لاعتقادهم بأن أرض فلسطين كلها أراض إسرائيلية.

والآن وقت وصل (أوباما) للرئاسة في الولايات المتحدة الذي جاء انتخابه مغايراً لما درجت عليه الولايات المتحدة في انتخاب رؤسائها السابقين وكأن مجيئه يحمل نوعاً من التغيير ليس في بلاده فقط بل في العالم بسبب دور الولايات المتحدة الريادي على المستوى العالمي.

لقد أبدى الرئيس أوباما اهتمامه بحل الصراع العربي الإسرائيلي منذ بداية فترة حكمه، حيث قام بتعيين ممثل له في متابعة هذه القضية (ميتشل) الذي قام بعدة زيارات للمنطقة لهذا الخصوص كما أن الرئيس أوباما طالب حكومة إسرائيل بوقف الاستيطان في القدس الشرقية لكونها ضمن الأراضي العربية المحتلة في حرب 1967م والتي يفترض إدراجها في جدول المفاوضات، إلا أن الرئيس أوباما تراجع مع الأسف عن شرط وقف الاستيطان ربما بضغوط من اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة وهو الأمر الذي شجع إسرائيل على الاستمرار في الاستيطان بالقدس الشرقية حيث كان آخر مشروعاتها في ذلك بناء (1600) وحدة سكنية.

إن الرئيس أوباما وإن كان تراجع عن شرط الاستيطان إلا أنه لا يزال ملتزماً بعملية السلام على الأقل بأفضل ممن سبقه، فقد أكد على لسان وزير خارجيته (هيلاري كلينتون) بأن القضية ينبغي أن تصل إلى الحل خلال سنتين وعلى أساس حدود ما قبل حرب 1967م إلا أن هذا التوجه الأمريكي ينبغي أن يدعم بالجدية، فإسرائيل لا تزال بعيدة عن عملية السلام ما دام أنها ترغب في الاحتفاظ بأجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967م وفي مقدمتها مدينة القدس الشرقية ذات الأهمية ليس للفلسطينيين فحسب بل للعرب والمسلمين والإقرار بدولة فلسطينية مجزأة ومحرومة من السيادة، فأمام الإلحاح الأمريكي بحل الصراع على أساس قيام دولة فلسطينية بجانب إسرائيل أعلن رئيس وزراء إسرائيل (نتنياهو) قبوله بذلك ولكن حسب مواصفاته وهي دولة فلسطينية منزوعة السلاح وعلى أراضي محدودة مجزأة مع مرابطة قوات إسرائيلية في حدودها الشرقية مع علمه أن الفلسطينيين والعرب لن يقبلوا بمثل هذه الدولة وإنما جاء (نتنياهو) بهذا الطرح التعجيزي كدليل قاطع على عدم رغبته والتيار الذي ينتمي إليه في إسرائيل في إحلال السلام.

ولذا فإنه ليس أمام الولايات المتحدة أمام هذا التعنت الإسرائيلي ومن أجل الوصول إلى حل هذا الصراع المزمن إلا أحد أمرين وهما:

فرض السلام وفقاً لمبادئ العدالة وقرارات مجلس الأمن الدولي التي سبق أن صدرت في هذا الشأن وعلى أساس الأرض مقابل السلام بإقامة الدولة الفلسطينية على أساس حدود ما قبل حرب 1967م.

ولا شك أن الولايات المتحدة قادرة على ذلك بحكم ريادتها على المستوى الدولي إذا توفرت القناعة لدى الحكومة الأمريكية بذلك وأن إسرائيل سوف تذعن لأوامر الولايات المتحدة بحكم ارتباطها الاستراتيجي بها واعتمادها في وجودها عليها.

* إحالة موضوع الصراع العربي الإسرائيلي إلى مجلس الأمن الدولي من أجل البت فيه على أن تتعهد الولايات المتحدة بعدم الاعتراض (الفيتو) على أي قرار قد يتوصل إليه المجلس من شأنه إقامة الدولة الفلسطينية على أساس حدود ما قبل حرب 1967م وحل الصراع العربي الإسرائيلي على أساس مبدأ (الأرض مقابل السلام)، إذ إن مما يشار إليه أن الولايات المتحدة عبر الحكومات الأمريكية السابقة كانت هي المعترض الوحيد على قرارات مجلس الأمن الدولي التي تصب في مصلحة الفلسطينيين وإذا لم تعارض الولايات المتحدة في حالة رفع قضية الصراع العربي الإسرائيلي لمجلس الأمن الدولي على أي قرار يتخذه المجلس فإن حل القضية سوف يرى النور ويسدل الستار على هذا الصراع الطويل.

asunaidi@mcs.gov.sa


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد