عندما كتبت السبت قبل الماضي مطالباً بالتأني بالفتوى وعدم التسرع لما يحدثه ذلك من بلبلة وإصدار أحكام غير مدروسة وغير متوفر فيها التثبت والتأمل في نصوص الشرع لم أكن أتوقع - بعد ذلك - أن تأتي فتوى أحد المشايخ الغريبة في جواز إرضاع الكبير والتي تسرع فيها كثيراً!!
لا أدري هل غاب عن الشيخ أن مولى أبي حذيفة حالة خاصة وأن ذلك حصل عندما كان التبني حلالا لكن الله سبحانه حرمه على وقت الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله جل وعلا: ?وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ? (4) سورة الأحزاب، وقصة مولى أبي حذيفة وإرضاع زوجته جاءت عندما كان التبني غير محرم والأحكام مربوطة بوقتها وظرفها أما قول الشيخ إن هذا يجوز عند الحاجة الملحة لمن يدخلون على البيوت ويسكنون فيها ولشعوره بالحرج لهذه الحجة استثنى السائقين والخدم، ولكن لو نظرنا لحجته لوجدنا أنها في عصرنا الحاضر لا تنطبق على أحد مثلما تنطبق على السائقين والخدم الذين يدخلون على البيوت ويكشفونها وتذهب معهم النساء بالسيارات وهم ليسوا محارمهم ولكن أحكام الشرع لا تأتي وفق رغبات الناس، فحفظ أخلاقهم وأعراضهم هو الأهم والمقدم، وعلى ضوء هذه الأمور جاءت فتوى الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - في تحريم إرضاع الكبير عندما شرح هذا الحديث في كتابه الفقهي المرجع (الشرح الممتع)، وخلص منه إلى تحريم إرضاع الكبير وعدم أثره وأن ذلك كان جائزاً قبل إبطال التبني، فلما بطل التبني انتفى الحال وتم تحريم إرضاع الكبير وجاءت الأحاديث الصحيحة بعد حديث أبي حذيفة بتحديد شروط الرضاع الكبير وجاءت الأحاديث الصحيحة بعد حديث أبي حذيفة بتحديد شروط الرضاع ومنها أن يكون الطفل في الحولين، وأدعكم مع نص فتوى الشيخ محمد بن عثيمين في تحريم إرضاع الكبير، وحسبنا لتطمئن النفوس إلى الصواب بابن عثيمين عالماً كبيراً وزاهداً ورعاً عليه رحمة الله، حيث فصل الموضوع في كتابه (الشرح الممتع على زاد المستنقنع) في المجلد الثالث عشر، وأنقل هنا نص ما قال وبخاصة ما يتعلق ببطلان التبني وانتفاء الحاجة التي وردت في حديث سالم مولى أبي حذيفة: (الحاجة الموازية لقصة سالم غير ممكنة؛ لأن التبني أبطل، فلما انتفت الحال انتفى الحكم، ويدل لهذه التوجيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (إياكم والدخول على النساء) قالوا يا رسول الله، أرأيت الحمو - وهو قريب الزوج كأخيه مثلاً - قال: (الحمو الموت)، والحمو في حاجة إلى أن يدخل بيت أخيه إذا كان البيت واحداً، ولم يقل عليه الصلاة والسلام، الحمو ترضعه زوجة أخيه، مع أن الحاجة ذكرت له، فدل هذا على أن مطلق الحاجة لا يبيح رضاع الكبير؛ لأننا لو قلنا بهذا لكان فيه مفسدة عظيمة، وكانت المرأة تأتي كل يوم لزوجها بحليب من ثديها، وإذا صار اليوم الخامس صار ولداً لها، وهذه مشكلة، فالقول بهذا ضعيف أثراً ونظراً، ولا يصح. والخلاصة أنه بعد انتهاء التبني نقول: لا يجوز إرضاع الكبير، ولا يؤثر إرضاع الكبير، بل لابد إما أن يكون في الحولين، وإما أن يكون قبل الفطام، وهو الراجح، وقد اطلعت بعد كتابة هذا الموضوع على إيميل وصلني يحمل فتوى الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله حول أن الرضاع لا يتم وأنه مقصور على الحولين وأما بعدها فلا أثر للرضاع بعد ذلك وحسبنا بعد كل هذا بفتوى العالمين الراحلين.
أما بعد:
نتمنى أن يتراجع الشيخ عن فتواه الشاذة والرجوع إلى الحق فضيلة ولا ضير عليه فكثير من العلماء يتراجعون عما أفتوا به إذا رأوا خطأه.. أما إذا لم يتراجع فإنني أدعو عاجلاً لجنة الإفتاء الدائمة برئاسة شيخنا وعالمنا الجليل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ إلى المبادرة سريعاً: بإصدار فتوى تفند تلك الفتوى التي خالفت إجماع الأئمة الأربعة.. وذلك لوأد البلبلة التي أحدثتها هذه الفتوى المستعجلة.. ومنع ما يحصل بسببها من مفاسد، وآثار سلبية وأخلاقية على الأسر والبيوت.
إن الناس في بلادنا وخارجها ينتظرون هذه الفتوى وهذا التوضيح بأقرب وقت مثلما حصل في بيان اللجنة الموفق حول صلاة الجماعة ووجوبها.. والتي أوضحت الحكم الشرعي الصحيح وأزالت البلبلة والشك في وجوب صلاة الجماعة.
-2
خيط رحم ومحبة
أليس مؤلماً أن يستغرب بعض الناس اتصال شخص بهم للسلام والاطمئنان على الصحة والحال..!هل فقد بعض الناس عواطفهم الحميمة في هذا (الزمن الطباشيري)؟
هل - بالضرورة - عندما تتصل بشخص أن يكون لك عنده غرض معين..!!
لم لا يكون الاتصال بهدف ترسيخ المحبة.. ومد جسر التواصل النقي.. هل الدنيا فقط.. (فلوس وأسهم وعقار)!! أليس فيها خيط عاطفة وضياء رحم ونوارة محبة.
آخر الجداول
صدق القول
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) (36) سورة الأحزاب
فاكس 4565576
hamad.alkadi@hotmail.com