Al Jazirah NewsPaper Friday  28/05/2010 G Issue 13756
الجمعة 14 جمادىالآخرة 1431   العدد  13756
 
مسؤولية
يوميات المبتعثين (مذكرات مبتعث جديد)
ناهد سعيد باشطح

 

فاصلة:

(وهبنا الله الذكريات للنعم بالورود في الشتاء)

- حكمة تركية -

يُلاحظ المبتعث الجديد... شغف الأمريكان بالكلاب... وولعهم الشديد بها... يلعب... يستحم... يأكل... وينام معها... فهي تُشكِّل أهمية بالغة... وصديقاً وفياً دائماً... والسؤال عن الكلب جزء لا يتجزأ من السؤال عن صاحبه.

ولكن المشكلة أن كثيراً من المبتعثين الجدد لا يعي هذه الحقيقة... أو لا يتصور جديتها... ومقدار شغف الأمريكان بها... وليست الكلاب وحدها الحائزة على الحظوة... فالقطط والسلاحف والأسماك... لها منها نصيب... ولكن هذه الكائنات لا تُشكِّل هاجساً أو قلقاً لنا.. كونها أليفة وصغيرة الحجم عادة... ولكن الكلاب لها الوقع الأشد... لضخامة جسمها... وصوتها المخيف... الذي يدخل الرعب في نفوس الكثيرين.

أذكر أني ذهبت مع صديق لي... حديث عهد بالبعثة... للسكن مع عائلة مكونة من زوج وزوجة وحيدين بلا أطفال... ومن باب النخوة، فقد ذهبت معه لأقابل العائلة... وأقوم بدور المترجم بينه وبينهم.. كان المساء قد عمَّ... والسكون قد أسدل ستاره على المكان... وكان ضوء القمر شاحباً... اقتربنا سوياً من باب المنزل... وقبل أن نطرق الباب... هاجمتنا من خلف الباب... ثلاثة كلاب كبيرة الحجم... مختلفة الألوان... طويلة اللسان... وأخذ نباحها يتعالى... وصوت خربشة مخالبها على الباب والنافذة المجاورة للباب يزداد... وللأمانة... فقد تسلل الرعب في نفوسنا فرجعنا خطوات للوراء... واتسعت خطوتنا كلما علا النباح وازدادت الخربشة.

وأخذنا أهبتنا للفرار، لكن باب المنزل انفرج على استحياء، وانبعث منه صوت امرأة خطت السنون على وجنتيها آثارها... وقالت بصوتها المبحوح:

«Hello, Hello! Who›s it?

رددنا التحية بأحسن منها أو مثلها... وأخبرناها بالغرض الذي من أجله أتينا... فكان أول سؤال سألته لصديقي: هل تخشى الكلاب؟.. فأجاب ضاحكاً... نعم... فردت السيدة بأن كلابها كأبنائها... جزء منها... وإن لم يكن متقبلاً أو متفهماً فعليه بالرحيل...

كان الإخبار شديد اللهجة... حازم الوقع... غير قابل للنقاش... أو أنصاف الحلول... فتقهقرنا للوراء... وقررنا الانصراف...

تبادلنا وصديقي العتاب... واللوم والسخرية... ولكن أسميته من ذلك اليوم... «ميكي»... على اسم كلب صغير أرقط اللون كان لي معه حكايات...

وللكلاب معنا حكايات... وقصصٌ وروايات... وأجملُ الحكايات ما انتهت على خير... وصارت ماضياً...

لكن ثقافة الأمريكان تختلف في تعاملهم وتقربهم من الحيوانات بشكل يفوق أحياناً تقربهم من الإنسان!!.

***

د. وليد بن إبراهيم العبيكي - دنفر - كلورادوا - 24 - مارس 2009



nahedsb@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد