الفنان الحقيقي لا يلتزم بأطر معينة لينفذ من خلالها عمله الإبداعي، الفنان الحقيقي لا يقدر عمله بأي قيمة مادية، الفنان الحقيقي حر.. هذه المسلمات التي يعرفها كل من عايش أجواء الفنانين التشكيليين - الحقيقيين منهم ولا أقصد المزيفين – تدعونا للتبصر في بعض الأمور التي يعيشها المشهد التشكيلي في المملكة، فيتوهم البعض أحياناً أنه يمكن السيطرة على الفن وتوجيهه بأي شكل من الأشكال حتى إن كان بحجة توحيد الآلية لإقامة المعارض التشكيلية عن طريق جمعيات أو منظمات تشكيلية لا تستطيع فعلاً مواكبة الإبداع وإظهاره بالشكل اللائق به في كثير من الأحيان، الأمر الذي بلا شك سيكون سبباً لوأد التنافس الشريف الذي يكون عادة هو المحرك الرئيس لاستنهاض الهمم في العملية الإبداعية، في الوقت نفسه الذي ننادي فيه بوضوح الرؤية أمام كل فنان ليمهد أمامه المجال في المشاركة في الفعاليات التشكيلية الداخلية والخارجية في حال استحقاقه لهذه المشاركة.
الفن التشكيلي في المملكة لم يأخذ حقه كما أخذته بعض الفنون الأخرى، فلا مبدعه نجم يشار إليه بالبنان كما هو حال الفنان المبدع في البلدان المتحضرة ثقافياً واجتماعياً، ولا يُمكّنَه فنُّه – ولو كان عظيماً – من الحصول على إيرادات توازي الإبداع الذي يقدمه، أو على الأقل تقيه شر السؤال عندما يريد التفرغ لما وهبه الله من ملكة إبداعية.
الإشكالية لدينا تتمحور حول جزأين، فكرة خاطئة (أساساً) تقوم على توجيه (الفن)، ووعي عام لم يستوعب بعد أهمية الفن التشكيلي وقدرته على المشاركة في نهضة أدبية وفنية، تساهم محلياً وإقليمياً وعالمياً في رقي الفكر الإنساني. وحتى يتم تصحيح الفكرة الخاطئة، ورفع الوعي العام بأهمية الفن والفنان، يجب على الفنانين التشكيليين أن يعملوا لأنفسهم فقط، حتى يتأكدوا أن قيمة ما يقدمونه لن تقدر بثمن فعلاً!
عبد الله الشمري
رئيس تحرير مجلة أيادي