الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل كتب عن كرة القدم، هذه السطور:
عندما تطبق الحياة على كاهل الناس، فإنهم يهربون منها إلى الدين أو الجنس أو.. كرة القدم.
أما إذا هربوا إلى الدين فإنها عودة إلى حقيقة تطمئن القلوب، لكن إذا تطرفوا في ذلك.. فهي دروشة.
وإذا ما هربوا إلى الجنس فهو بديل مشبع تستكين به النفس، لكن إذا ما تطرفوا.. فهو فجور وضياع.
وإذا ما هربوا إلى كرة القدم فهي رياضة تخفف مشاهدتها عن الجماهير ضغوط الحياة وهمومها، لكن إذا ما تطرفوا في ذلك فإنها تؤدي إلى.. نشوب حرب أهلية في كل بيت!
ومن يتابع المشهد الإعلامي.. المرئي، سيكتشف أنها تمارس ما يشبه ترويح ثقافة التشجيع الكروي لدرجة التعصب الاعتسافي ودحرجة كرات التأجيج والتكريه والتشويه لقيمة ومبادئ الرياضة السعودية، المشهود لها وطوال تاريخها برزانتها وسموها الموضوعي في الطرح والتناول للمسألة الرياضية ونبذ النزق التشجيعي المأزوم والمنحاز لدرجة تحولها إلى معول هدم لا يعين على البناء والنهوض.. إنما تحويل المشهد الرياضي.. إلى حرب أهلية تفسد القلوب وتشوه الرياضة السعودية التي عرفت على أنها ميدان رحب لميدان الرياضة النظيفة.
وفاعل هذه الترويجية المقيتة.. هم مجموعة من (المشجعين) الذين زجت بهم آلة الأمية الرياضية دون اكتراث بالمعيار العلمي والتأهيلي التخصصي الذي يفترض أن يكون (بوابة) دخول استديوهات العمل الإعلامي الرياضي المرئي.. ليختطفوا الشاشة الرياضية المرئية العابثة بقيمه ومبادئه وسمو الرياضة السعودية.. النظيفة. تلك التي تفسر سبب حدوثها العالمة الأمريكية الشهيرة باريرا ايزانج في مقالتها التاريخية بما أطلقت عليه شيوع وهيمنة ثقافة ومعايير «التفكير السلبي» عندما تصدت لتفسير الجذور الثقافية للأزمة المالية الكوارثية التي اجتاحت العالم.. حيث أصبحت هذه الثقافة السلبية بديلاً للمعيار العلمي وللمعرفية العلمية في تحديد كفاءة وجدار وأهلية الكادر العامل..!
ولو تأملت مشهدنا الرياضي المرئي سنعرف كيف يمكن لصاحب الكفاءة المتوسطة أن يكون مسؤولاً عن منظومة إعلامية كبرى تهندس وتنسج عقلية المشجع الرياضي.. ليس من خلال جدارة المعرفية والكفاءة الأكاديمية المتخصصة.. إنما من خلال رواج معيارية «التفكير السلبي» تلك التي أكثر من يتحمس لتفعيلها تجار الإعلام ووعاظ الكنائس وبيوت التمويل العقاري والسلع الاستهلاكية.. حسب قول ايزانج.
المهم.. لا دخل لي بدكاكين الإعلام الرياضي المرئي التي ملئت الفضاء فقط تجارتها العبث بالمشهد الرياضي السعودي وتأجيجه وتشويه قيمته وثقافته ومنجزه.. لدى المشاهد العربي.
لكن.. ما أنا بصدده -هنا- يتعلق بالشاشة المحسوبة علينا.. فهي نافذة الرياضة السعودية ثقافة وممارسة وعطاء. فهي ليست دكان لتجارة وتسويق الكسب الربوي المريب على حساب القيم والمبادئ والأخلاقيات الرياضية والمهنية الإعلامية السامية.
الأمل في إنقاذ.. ما يمكن إنقاذه يقع على عاتق أمير الإعلام السعودي الحديث الأمير تركي بن سلطان المشرف على القناة الرياضية السعودية، وهو ذو الخبرة والمعرفة الأكاديمية المشهود لها بالجدارة والاقتدارية، فالأمير تركي منذ أن كان طالباً جامعياً متفوقاً، إلى أن تبوأ مسؤولية قيادية في منظومة الإعلام السعودي الرسمي، عرف عنه حرصه الشديد على علمية العمل الإعلامي وخضوعه للمعيارية العلمية في رسم سياساته، وأهدافه ووسائل تنفيذه واختيارية كوادره وآلياته. وقد سعدت الرياضة السعودية بأن يتولى الأمير الإعلامي المرموق المسؤوليات المباشرة في الإشراف على القناة الفضائية السعودية ومكمن السعادة أن حال وأحوال العمل الإعلامي والمهني في القناة الرياضية السعودية فيه.. ما فيه، نتيجة إرث متراكم ابتليت به هذه القناة، التي عجت بالمشجعين واللامتخصصين ومن ليس لهم علاقة بالعلم والمهنية الإعلامية المحايدة.. لا من قريب ولا من بعيد.
لذا ظلت هذه القناة ضعيفة الحيلة، هزيلة التواجد، غير قادرة على المنافسة ولا المواكبة، لتختطف قنوات دكاكين الإعلام الرياضي المشاهد والمتابع.. تشحنه وتأججه وتسطح وتلوث ذهنيته ومعلومته وعلاقته بالرياضة.
مقدار التفاؤل مشع فضاؤه، وازدادت مساحته.. بتولي أمير الإعلام السعودي هندسة حال وأحوال القناة الرياضية وكلها عشم في أن يعيد سموه تأسيس هذه القناة من جديد بعيداً عن ركام وإرث ما سبق، وأن يخلّص منظومة العمل في هذه القناة من «التفاح» الفاسد المملوء بغايات التشجيع وأمراض الفئوية والإقليمية، الكاره للرياضة النظيفة واحتواء نافذة الإعلام المرئي لكل الألعاب والنشاطات والأندية السعودية في كل مدن ومناطق بلادنا الخيرة.
الراصد لبعض الممارسات في هذه القناة سيتأكد من أن الأمية الإعلامية لا زال لهما وجود وتواجد عقلية وكادراً من خلال ما يقدم في برامج القناة.
كلنا عشم في أن يفرض الأمير المعيار التخصصي في اختيارية كوادر العمل في القناة وبالذات فيما يتعلق ب(الإعداد) و(التحرير) و(الإخراج) والمذيعين والمراسلين.
إن القناة الرياضية هي نافذة الرياضة السعودية ومرآتها لدى كل الآخرين محلياً وإقليمياً وقارياً. لا يجب أن تظل على ما هي عليه من ضعف وتسطيح وأمية ومخزون التنمية السعودية مملوء بأفضل وأجدر الكفاءات والقدرات الإعلامية ليس محلياً بل وعربياً وبكل جدارة.. لا نجدهم في القناة الرياضية لوطنهم.. ولا تتاح لهم فرصة تركين الخبرة في كنفها.. فيما تتاح الفرصة والتواجد.. لجموع من المشجعين والأميين منذ أن نصبت خيمتهم أيام المقحم والمسلط.. زمان، والمزارقة وفريقه راهناً.
للحديث بقية..
ما يستحق التنويه
سمو وزير التربية والتعليم وفي تصريح صحفي نشرته معظم الصحف السعودية قال في حديث مرئي فضائي للقناة السعودية الأولى إن هناك دراسة لإقامة نواد رياضية في المدارس.
وأكد الأمير فيصل بن عبدالله وزير التعليم على أهمية وجود الرياضة في مدارس البنات وأنه لا فرق بين وجود الرياضة في مدارس البنين والبنات.
مع الأسف.. إعلام الرياضة السعودية، لم يعطِ لحديث الوزير المستنير الذي تعقد عليه آمال إنقاذ التعليم السعودي مما حاق به جراء فترة اختطاف الصحوة الوافدة لأمور التعليم والمدرسة والجامعة السعودية منذ ثلاثة عقود.. لا ردها الله.
إعلام الرياضة السعودية انشغل في كوررة الرياضية السعودية وتسطيح الطرح فيها.. في ملاحقة تصريحات رئيس النصر الفجة وتصريحات النويصر المتكئكة ومراجم أندية بريدة العجيبة.
- ماذا لو رحل -فجأة- رئيس الهلال وبطريقة: سلام عليكم. كيف سيكون حال النادي.
قصد السؤال أن على الهلال كمؤسسة رياضية كبرى أن يدرك رئيسه الحالي أن أهم عمل يجب أن يعمله، بل ولا يجب القفز عليه: تأسيس هيكل تنظيمي للنادي تحتمه ظروف المستجد في العمل الرياضي في حقبة عولمة الرياضة.
هذه التأسيسية يتجاهلها رئيس الهلال مثله مثل من سبقه، وهو ما يطرح تساؤل يدحرج نفسه في مدرج الهلال يزداد توجساً.. ورصداً لحال «المستقبل الهلالي».. المختطف من حشد من ذوي النعمة والمال.. يتناقلون تصريف أموره.. من يد إلى يد.. ومن جيب إلى جيب.. دون أن يعمل أحداً منهم على جعل النادي يمول نفسه بنفسه وبالذات أنه أكبر وأغنى وأقدر أندية الوطن والقارة.. إذا ما عرف كيف يوظف مقدراته واقتداراته.
فعلاً سؤال يدحرج نفسه في وعي المدرج الكبير.. بات يحتل أهمية أكثر من أهمية تحقيق كأس.. يشبع شبق الذات فقط لدى صاحبه.
- استقبل الأمير خالد الفيصل أبطال كأس الملك رئيس ولاعبي نادي الاتحاد. سموه قال إنه توقع فوز الاتحاد بعد مرور 15 دقيقة من بدء المباراة.
(كل) الصحف ووسائل الإعلام ذكرت هذه المعلومة.. إلا (جريدة) حولت الـ(15) دقيقة إلى (20) دقيقة!
إذا كانت هذه الجريدة قد حرفت معلومة الأمير، ولم تكترث بدقة النقل.. فإنها فعلاً تدين نفسها بممارسة عدم الأمانة في النقل والنشر.. ولا عزاء لشيخ الرياضيين عندما حرفت وشوهت حديثه وصاغته حسب مزاجها التشجيعي وهو نفس ما فعلته مع الشاعر الكبير إبراهيم خفاجي الذي حرفت وأولت ما قاله في عناوينها وبالصفحة الأولى وهو ما يخالف ما تحدث به.
هذه الصحيفة المنحازة لم تنشر فوز الهلال على حبيبها النصر وتجاهلته نهائياً.. في تأكيد صارخ على كيفية تمزيق أمانة الإعلامي ومصداقيته.