عندما يهتم ولاة الأمر في هذا الوطن بأبنائهم علمياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً ورياضياً فهذا يعكس مدى حرص القيادة على تعليم وتطوير أبناء وطنهم، أما إذا كان هذا الاهتمام يختص بفئة معينة قد تكون مُغيبة في مجتمعنا فترة من الزمن وهي عزيزة على قلوبنا فهذا هو قمة العطاء والوفاء.
فمدينة الرياض شهدت يوم الاثنين الماضي حدثاً اجتماعياً مهماً يتمثل في إقرار صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض - حفظه الله- برنامج «الوصول الشامل» الذي قام مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة بتصميمه وتبنيه، لتطبيقه على أرض الواقع.
ويهدف برنامج «الوصول الشامل» إلى مراعاة استيعاب المعاقين في أوجه الحياة العامة، ومساندتهم في جميع المجالات لكي يتمكنوا من ممارسة حياتهم وتحقيق طموحاتهم، كما يركز هذا البرنامج على تسهيل الوصول للمعاق إلى المباني والخدمات الجديدة وذلك من خلال إعادة النظر في تصميم المباني والمنشآت الحكومية والخاصة لتكون ملائمة لذوي الإعاقة ليستطيع التفاعل مع المجتمع بشكل كبير؛ وبالتالي يستطيع ذوو الإعاقة المشاركة في التنمية الوطنية.
وصاحب تدشين هذا المشروع إعلان صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أن مدينة الرياض هي أول مدينة صديقة للمعاقين على مستوى المملكة والعالم العربي.
وأبناؤنا من ذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف إعاقاتهم سواء الإعاقة الذهنية أو الإعاقة الحركية أو الإعاقة البصرية هم الفئة الغالية على قلوبنا، ولا بد من تضافر الجهات الحكومية والخاصة وجميع أفراد المجتمع كافة لدمجهم في المجتمع سواء كان ذلك عن طريق المشروعات التعليمية أو الرياضية أو الثقافية، ونخص بذلك المدارس والجامعات والمنشآت الحكومية والخاصة حيث يقع عليها دور كبير في دعم هذه الفئة الغالية وذلك بتقبلهم، وتوظيفهم، وتسهيل مهمتهم من خلال تخصيص مصاعد ومواقف وطرقات لهم ليتمكنوا من الوصول بسهولة ودون عناء.
وذوو الاحتياجات الخاصة كغيرهم من أفراد المجتمع لهم الحق في الاندماج في المجتمع، والاستفادة منهم إلى أقصى حد ممكن، وقد شهدت العديد من المجتمعات فكرة الدفاع عن حقوق المعاق عُرفت في البداية باسم مبدأ التطبيع «Normalization»، وهو مساعدة المعوق في الاندماج في المجتمع ليعيش في بيئة تشبه البيئة الطبيعية، وأن يحصل على الخدمات التي يحصل عليها الأسوياء.
ويبرز الدور الكبير للأسرة في تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم في المجتمع بحيث تستطيع الأسرة تأهيل أبنائها المعاقين ودمجهم في المجتمع إما عن طريق إلحاقهم بالمدارس أو المراكز التعليمية، حتى يتمكنوا من كسب مهارات جديدة تجعلهم يتسلحون بها ضد أي صعوبات تواجههم في حياتهم.
وللأسف فإن بعض الأسر تُغيِب المعاق عن أنظار المجتمع، ولا تسمح له بالاندماج مع أحد إما بسبب أو بدون سبب، فيصبح هذا المعاق عالة على أسرته ووطنه، فالمعاق له حقوق كثيرة لا بد من تحقيقها له أهمها دمجه في المجتمع، وعدم إشعاره بأنه شخص مختلف أو أقل درجة من الآخرين.
كما للرياضة أيضاً دور مهم في دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع وذلك من خلال مشاركتهم في جميع المحافل الرياضية سواء داخلياً أو خارجياً، ولا ننسى ما حققه منتخبنا لكرة القدم من ذوي الاحتياجات الخاصة من إنجاز عالمي فريد سُجل باسم المملكة ألاوهو حصولهم على كأس العالم لكرة القدم في البطولة الماضية، حيث يعد هذا الإنجاز هو الأول من نوعه على المستوى العالمي بالنسبة للمملكة.
والاهتمام الذي أولاه سمو سيدي أمير منطقة الرياض بتوقيع شراكات مع جهات عدة لمصلحة ذوي الاحتياجات الخاصة ودعم برنامج «الوصول الشامل»، إنما يُعد خطوة كبرى في الاهتمام بأبنائنا من ذوي الاحتياجات الخاصة في الفترة القادمة وهذا الدعم من سمو أمير منطقة الرياض ليس بمستغرب على سموه الكريم، حيث عُرف عنه - حفظه الله - في دعم الجمعيات الإنسانية الخيرية، وجمعيات مؤسسات المجتمع المدني، والخدمات الصحية وغيرها وفتح المجال أمامها للمساهمة في البرامج الخيرية ودعم المحتاجين من الرجال والنساء والأيتام وغيرهم.
وختاماً يجب على الجهات الحكومية و الخاصة أن تنهج هذا النهج في الاهتمام بهذه الفئة، وأن تثق بقدراتهم العلمية والعملية، وتفتح أمامهم الفرصة للمشاركة في بناء وطنهم وأمتهم، ليصبحوا مواطنين فاعلين ومخلصين لوطنهم.
والله الموفق