باعتبار أن (الضيف الأول معزب للضيف التالي) حسب الأعراف والتقاليد البدوية فاسمحوا لي إذن أيها الإخوة القراء أن أرحب بأصدقائي (القاصّين) الثلاثة الذين حلوا ضيوفاً جديدين على صفحات (جزيرتنا) الغراء هذه، راجياً لهم طيب الإقامة وطول المكوث. مع أنني أعرف ويعرفون جيداً أن مسألة (المكوث) في عالم الصحافة ولمدة طويلة هي مسألة نادرة لا يعوّل عليها كثيراً خصوصاً إذا كانت الكتابة بمثابة وسيلة عيش. كنا نكابر (أنا وإياهم سابقاً) في معناها وجدواها إذ كنا (نترفع) عن مثل هذا القول والذي أصبح وللأسف الشديد حقيقة لا مناص منها للكاتب في زمن شح الوظائف التي تصلح له لاسيما إذا كان الكاتب من النوع النزق الذي لا يرتضي الوظائف التقليدية. أما أصدقائي الثلاثة الذين أرحب بهم على صفحات الجزيرة فهم الصديق القاص والمبدع حقاً (جارالله الحميد) صاحب (أحزان عشبة برية) و(وجوه كثيرة أولها مريم) والصديق القاص والمبدع مثله أخي وزميلي سابقاً (سعد الدوسري) صاحب (انطفاءات الولد العاصي) و(الرياض 90) وكذلك صديقنا الثالث القاص المبدع (يوسف المحيميد) صاحب (رفيف ثيابهم البيض، والقارورة، وفخاخ الرائحة) وهؤلاء الأصدقاء الثلاثة حينما أصفهم بالإبداع فإنني لم آت بشيء من (عندياتي) أو أجاملهم على حساب الحقيقة، الحقيقة التي تعرفها الحركة الثقافية في المملكة بل وحتى في العالم العربي فهم مبدعون عن حق و(حقيق).
صحيح أن الذي يجب أن يرحب بهم هو صديقنا وزميلنا الكبير (أبو بشار) رئيس التحرير باعتباره معزبنا أو (معذبنا) لا فرق في كثرة الشطب من مقالاتنا (الساخنة) على وجه التحديد. أقول إن الترحيب مناط به وقد قام بذلك قبلاً، ولكنني من باب (اللقافة) و(الترزز) لا أكثر أرحب بهم أيضاً وعلى طريقة (هات أقهوه) التي يطلقها السيد فيرددها أكثر من واحد من الخدم (أو القهوجية) إن صحّ التعبير هكذا (هات إقهوه.. هات إقهوه....!!).
وبمناسبة (الترحيب - الحديث) عن القاصين والقصة اسمحوا لي أن أروي لكم الحكاية الطريفة التالية والتي تقول -أي الحكاية لا أنا- فذات زمن وقعنا مجموعة من الشعراء أذكر منهم الصديق مسفر الدوسري والصديق فهد عافت والصديق ناصر السبيعي، أقول وقعنا عن طريق الصدفة المحض بعلاقة ثقافية (بريئة) حتى لا يساء الظن وما أكثر (الظنانين والطنانين) في هذه الأيام وقعنا في علاقة مع مجموعة من السيدات الأرستقراطيات المخبولات بالفن (شعر، موسيقى، تشكيل، منحوتات، مجوهرات، وإلخ) وحدث ذلك حينما كنا (نتصرمح) في شوارع الكويت وقادتنا أقدامنا إلى (غاليري) خاص ترتاده سيدات المجتمع لاقتناء أغلى المعروضات فيه وبعد أن تأملنا اللوحات المعروضة أخذنا نتفلسف بالنقد الفني وعلى طريقة نقاد الفن التشكيلي المبهمة مما جعلنا في أنظارهن -القاصرة طبعاً- أننا رواد الفن الحديث في العالم، وهكذا قمن بدعواتنا إلى بيوتهن العامرة وشاليهاتهن الفاخرة وكن يتفاخرن بهذه الصداقة الثمينة لذلك تكررت الدعوات ونسينا (ربعنا الصعاليك) لأننا غدونا بالفعل (عنز بدو وطاحت بمريس) فأصبحنا نأكل ألذ الطعام، ونرتاد أفخم الأماكن، ونتلقى الهدايا الغريبة العجيبة، الأمر الذي أغضب أحد أصدقائنا وطلب منا أن نصطحبه معنا متهماً إيانا بخيانة ما بيننا من (خبز وملح) فقط طبعاً قبل التعرف عليهن، ونكمل لاحقاً.