سيتم الإعلان قريباً عن نتائج التعداد الذي أجري مؤخراً في المملكة وسيعلم الجميع الأعداد على حقيقتها ومنها أعداد العاطلين والعاطلات عن العمل ومؤهلاتهم الدراسية، وبكل تأكيد سيكون
هناك فرق كبير وهوة شاسعة بين ما تم إعلانه عبر وزارة العمل من أعداد العاطلين والعاطلات وما سيتم إعلانه، وقد يكون سبب ذلك هو تقادم الوقت من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم ذهاب كثير من العاطلين والعاطلات إلى مكاتب العمل في مناطق المملكة المختلفة طلباً لمساعدتهم في إيجاد وظائف لهم.
سيتم الإعلان قريباً عن نتائج التعداد الذي أجري مؤخراً في المملكة وسيعلم الجميع الأعداد على حقيقتها ومنها أعداد العاطلين والعاطلات عن العمل ومؤهلاتهم الدراسية، وبكل تأكيد سيكون هناك فرق كبير وهوة شاسعة بين ما تم إعلانه عبر وزارة العمل من أعداد العاطلين والعاطلات وما سيتم إعلانه، وقد يكون سبب ذلك هو تقادم الوقت من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم ذهاب كثير من العاطلين والعاطلات إلى مكاتب العمل في مناطق المملكة المختلفة طلباً لمساعدتهم في إيجاد وظائف لهم.
وأيا كانت الأسباب إلا أن الحقيقة ستأتي بفرق كبير بين ما يتم الإعلان عنه عبر وزارة العمل بين فترة وأخرى وما سينتج عن التعداد الأخير، ولست هنا لأضع اللائمة على جهة ما، ولا حتى للبحث عن الأخطاء لكنني أتساءل عن الآليات المتوقعة التي ستقوم بها وزارة العمل للتصدي لأعداد العاطلين والعاطلات عن العمل سواءً المؤهل منهم أم غير المؤهل.
قد لا أكون مصيباً في ما سأقول لكنني بالتأكيد أحاول أن أكون، مع اعترافي الكامل بجهلي لعدد من الأمور. ولم يكن يوماً جهلي ذلك نتيجة تقاعس عن استقاء المعلومة الصحيحة أو البحث عنها، إنما لعدم وضوح الرؤية لدى الجهة المعنية بإعلان تلك المعلومة، وآخر ما حدث هو قضية العاطلات عن العمل من حملة الدكتوراه.
توظيف شبابنا السعودي ليس بالأمر الهين، ولم يكن يوماً كذلك لكن تحقيقه ليس أيضاً بالمستحيل ولا هو من ضروب الخيال، إن أحسنا توظيف طاقاتنا وخططنا بشكل سليم لعمل منظم يأخذ عددا من الأمور باعتباره، لعل أهمها عدم الاهتمام والتباهي بالأرقام على حساب الواقع المؤلم.
إن ما يحدث الآن ليس طموح ولاة الأمر، ولا يهم أن يكون طموح الرجل العادي، لكن علينا إن تم تحميلنا الأمانة أن نضطلع بحملها أو أن نترجل ونترك حملها لمن يستطيع.
مشكلتنا أننا لا نستطيع اتخاذ القرار في شأن كهذا؛ لأننا نكذب بدايةً على أنفسنا حينما نصدق أن تولينا مسئولية بهذا الحجم يعتبر تشريفا وتتويجا لعمل مضن لسنوات، ربما في مجال بعيد كل البعد عن المجال الذي يُفترض أن نبدع ونبرع فيه.
مشكلتنا أننا نؤمن أن وصولنا لسدة صناعة القرار في المنظومة هو المكافأة التي نسعى للحصول عليها، وما أن نصل حتى نبدأ عهدا جديدا عنوانه التراخي ومضمونه لجان تعمل ونتائجه لا جديد.
العمل هو مسئولية وأمانة تتطلب مباشرة ومتابعة من أجل الوصول لنتيجة محددة، وبغض النظر عن نوع وطبيعة العمل والنتيجة المراد الوصول إليها، يبقى أمر التخطيط جزءا مهما، بل ومفصلي في عملية بناء العمل، وبالتالي الوصول لتلك النتائج، لكن علينا أن نعي أن ثمة مقياسا لكل عمل واختبارا لمدى الأداء ومحاك لتقييم الأفعال لا يمكن إغفالها أو التغاضي عنها. ولايهم هنا من يقوم بوضع تلك المقاييس بل الأهم هو من يقوم بتقييم الأداء ومعرفة النتائج.
فضولي لا حدود له في سؤال من تم تكليفهم بالقيام بعدد من الأعمال الوطنية وأقول الوطنية وليس غير ذلك، سؤالهم عن مدى رضاهم عن ما قدموه منذ توليهم مهام عملهم، مدى قبولهم بنتائج ما قاموا به إن كان هناك ثمة نتائج.
وزارة العمل، الوزارة المناط بها تلك المهمة الوطنية، تعمل بجد وباجتهاد ويمثلها في ذلك بخلاف توجيهات وزيرها، عدد من الأذرعة كالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وصندوق تنمية الموارد البشرية والتنظيم الوطني للتدريب المشترك، وأخيراً وليس آخراً المركز الوطني للتوظيف. تلك القطاعات المختلفة التي تندرج تحت مظلة الوزارة وتعمل بشكل دؤوب للوصول لتحقيق نتائج مرضية في توظيف السعوديين، هل يجمعها تنسيق معين؟ هل تعمل ضمن خطة عمل واضحة المعالم والأهداف؟ هل لديها أرقام معينة تعمل للوصول إليها في وقت محدد؟ أسئلة كثيرة تدور في ذهني حول آليات عمل الوزارة ممثلة بإداراتها تلك ولاحظوا أنني أصفها بالإدارات تارةً وبالقطاعات أحياناً وبالأذرعة في أماكن أخرى ذلك لأن طبيعتها الإدارية وحجم العمل المناط بها غير واضح، على الأقل لمن يهمه معرفة ذلك.
الوزارة قبل إناطة مهمة إصدار تأشيرات العمل لها كانت بالكاد تستطيع إنجاز ما هو موكل لها من مهام ليس لعدم وجود العنصر البشري لديها أو الميزانيات التي يتطلب إنجاز العمل وجودها وتأمينها، لكن لغياب عنصر التخطيط والعمل من خلال وضع أهداف لها طبيعة الأولوية من حيث أهميتها، والآن تسير الوزارة وقد أثقلت بمهمة إضافية من خلال إصدار التأشيرات وما يتبعها فرضاً من مراقبة القطاع الخاص والتفتيش والتقييم والتقدير وغيرها من مهام مرتبطة بتلك المهمة، تسير مثقلة كهلة لاستمرار غياب ذلك العنصر مع زيادة في حجم أعباء العمل عليها.
هناك جهات أخرى غير تلك الوزارة التي تحتضر، جهات يُفترض أن يكون لها دور مؤثر في تحقيق المعادلة ومعاونة الوزارة على إنجاز عملها مثل لجنة الموارد البشرية والعمل في مجلس الشورى ومجلس قوى عاملة في وزارة الداخلية.
والواضح أن الجهد مبعثر ضائع تائه لا يربطه عمل منظم، ولا يتحدث عنه إنجاز أو تفوق أو تميز، فالبطالة مستمرة وأعداد العاطلين عن العمل في تزايد مستمر ليس بفعل البطالة المدورة التي تنتج عن عودة طالبي العمل لمكاتب العمل بعد أيام من توظيفهم ومطالبتهم بتوظيفهم من جديد، ولكن بفعل حركة الزمن وتسارع عقارب الساعة التي لا ترحم في توليد أعداد كبيرة من الشباب الباحث عن عمل.
لقد اقترحت في غير مناسبة أن يتم إيجاد جهة واحدة منفصلة تماماً عن وزارة العمل ومرتبطة بجهة أكبر من وزارة العمل لضمان مدها بالقوة الكافية، إن أردنا فعلاً تحقيق إنجازٍ للوطن، تقوم بتنظيم الجهد الذي يبذل من جميع تلك القطاعات سابقة الذكر وتوحيد سياساتها ووضع أهدافها وتحديد أزمنة تحقيق تلك الأهداف التي تؤدي لنتيجة واحدة وهي توظيف العاطلين والعاطلات ورصد إنجازها وربط عملها بعدد من الإدارات الأخرى ذات العلاقة بغية الوصول للهدف الأسمى.
وحتى أكون أكثر وضوحاً، لماذا لا يتم إنشاء هيئة خاصة تحت اسم هيئة العمل على غرار كثير من الهيئات التي ظهرت مؤخراً، بل انبثقت عن عدد من الوزارات، هيئة خاصة بالعمل والتوطين وما يتعلق بهما، وتكون ذات مرجعية خاصة مباشرة لجهة سامية كمجلس الوزراء أو حتى للملك مباشرةً. على أن توكل المهمة لأشخاص يملكون المعرفة والخبرة والدراية، وأن لا يتم مجاملة أحد بتشريفه بمسئولية كتلك تضطلع بهمّ وطني يجب تحقيقه تفادياً لكوارث كثيرة، يكون لديهم القدرة على تيسير دفة العمل بما يحملونه من معرفة مرتبطة بطبيعة العمل الموكل إليهم.
لا أعلم سبباً يمنع توجه صاحب القرار نحو إصدار قرار سريع بذلك. الأمر لا يكلف كثيراً بل يقود البلاد نحو ركب مسيرة الإصلاح الذي انطلق أمامنا بشكل سريع حاملاً معه العديد من دول العالم بما فيها المتخلفة اقتصاديا وسياسياً واجتماعيا، وأصبحنا ننظر بعينٍ تملأها الحسرة لذلك الركب وهو يتلاشى مسرعاً كالبرق، وستزيد تلك السرعة مع الإعلان المنتظر عن أعداد العاطلين والعاطلات عن العمل في بلادنا.
إلى لقاء قادم إن كتب الله.