قال الله تعالى في كتابه الكريم في الآية الحادية والستين من سورة النحل: {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}.. تلقيت صباح الأربعاء الموافق للحادي والعشرين من شهر جمادى الأولى للعام الحادي والثلاثين بعد الأربعمائة والألف للهجرة النبوية الشريفة اتصالاً من أخي خالد يقول فيه: أحسن الله عزاءك وعظم أجرك في أبي سلطان.. قلت له من تقصد؟ قال: صالح القناص فتملكني الذهول وسيطرت علي صدمة النبأ وبقيت ممسكاً بالجوال بلا حراك لبرهة من الوقت ثم أعدت الاتصال بشقيقي خالد وسألته: من الذي مات هل هو أبو سطان أم والده؟ ذلك أن والده مسن ومريض وتوقعت بأن الأمر التبس عليه، قال: بل هو أبو سلطان، فعشت تلك اللحظات في حزن لا يعلمه إلا الله ولا اعتراض على قدره سبحانه وتعالى ولكن فقد الأحباب أمر صعب اتصلت عندها مباشرة بأخي وزميلي الأستاذ عبدالسلام بن صالح العمري نائب مدير دار الملاحظة الاجتماعية ببريدة وصديق الفقيد لإبلاغه بالخبر فذهل وتساءل كما تساءلت: هل تقصد صالح أم والده؟ قلت: صالح، فأجهش بالبكاء وودعني وهو منهار من جراء الخبر.
والحقيقة ان الجميع ذهل وانصدم وتأثر بوفاة هذا الرجل المحبوب وهو صالح بن محمد بن عبدالكريم القناص الذي رحل عن هذه الدار الفانية وعمره يقارب الخامسة والأربعين عاماً قضاها في خدمة المجتمع وقضاء حوائج الناس، فقد كان مديراً لإسعاف مستشفى بريدة المركزي، ثم مديراً لإدارة التمريض في المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة القصيم وعند وفاته كان مديراً لمستشفى بريدة المركزي بالإنابة.
وقد التقيت خلال مواراة جثمانه الثرى في مقبرة الموطا بمدينة بريدة بزميله في العمل بمستشفى بريدة المركزي الأستاذ محمد الدخيل الذي أشار إلى أن أبا سلطان كان على رأس العمل يوم الثلاثاء الموافق 20-5-1431هـ مديراً للمستشفى بالنيابة وكان كعادته نشيطاً مخلصاً وأوضح بأنه احس بكتمه وضيق في الصدر فتوجهنا معه إلى العناية المركزة لمزيد من الاطمئنان وقد كان الوضع طبيعياً ورجع إلى مكتبه ووصل متابعة المعاملات بإنجازه وحرصه وإخلاصه الذي عرف عنه كما كان مرحاً كعادته مع الجميع وأدى صلاة الظهر وواصل العمل معنا حتى نهاية دوام ذلك اليوم، وفي صبيحة الأربعاء 21-5-1431هـ اتصل ابنه بالمستشفى مخبراً إياهم بأن والده متعب نوعاً ما وانه سيتوجه به إلى مستشفى الملك فهد التخصصي، يقول فذهب عدد من الزملاء للاطمئنان عليه من شدة حبهم له وقد حاول الأطباء عمل الإنعاش القلبي له ولكن روحه فاضت وانتقل إلى جوار ربه.
رحمك الله أيها العزيز وجعل الجنة مثواك.. لقد عرفت فيك خصالاً كريمة لا تجتمع إلا في الرجال فأنت حسن الخلق.. شهم.. كريم.. ذو مروءة.. عطوف.. رحيم.. بشوش.. متسامح.. خدوم ولا أنسى ما قاله لي زملاؤك عندما كنت مسؤولاً عن إسعاف مستشفى بريدة المركزي ووقفتك مع الجرحى المصابين لدرجة انك تحملهم على كتفك والدماء تقطر من أجسادهم وتملأ ملابسك جميعها ومع ذلك لا تبالي حرصاً منك على السرعة في العلاج الجراحي من أجل إنقاذ نفس بشرية.. يا لك من إنسان بمعنى الكلمة.. عرفتك عندما التقيتك في الاستراحة التي تجمعك ببعض أصدقائك ومنهم الأستاذ عبدالسلام العمري.. وعرفتك جاراً وان كنت لست قريباً في الحي الذي نقطنه.. وعرفتك مصلياً في المسجد القريب من منزلي عندما تفوتك الصلاة في المسجد القريب من منزلك وأشاهدك باستمرار في محلات التموينات القريبة منا تتبضع وتبتاع بابتسامتك المعهودة وروحك المرحة واريحيتك.
أسأل الله تعالى أن يتغمدك بواسع رحمته ويسكنك فسيح جناته ويلهم والديك واخوانك واخواتك وزوجتك وأولادك وبناتك الصبر والسلوان ونحن جميعاً وكل محبيك و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}
بريدة