زهرة البابونج تحتوي على مادة الأزولين الفعَّال، والتي تعمل على إزالة التهابات البشرة والحكة والتهاب ملتحمة العين. والاستحمام بماء البابونج المغلي يعالج الملل ويخفف بعض الأوجاع.
وكذلك زهرة الياسمين، فهي مثل باقي الزهور العطرية، كالورد والسنبل والنرجس والزنبق والكادي والروز والكلاديولس والآيرس والسوسن والأزاليا والكردينيا والسكلاين، تعمل كلها على تنشيط الذهن وانتعاش الجسم والشعور بالاسترخاء عند استنشاق رائحتها. طبعاً المنافقون لا يشبهون هذه الزهور ولا نتائج استعمالاتها، لأنهم كائنات غير رقيقة وغير ساحرة وغير نرجسية، وليس لهم عطر ولا هيمنة خلابة على النفس البشرية تدعونا إلى التعامل معهم بإنسانية. إنهم يشكلون عالماً من القبح الاجتماعي ودنيا من التعاسة والدناءة والتلون وتبديل الجلود مثل الحرباوات. إن للزهور وألوانها ووجودها معاني ودلالات تقترن بحياتنا، وهي كثيرة ومتنوعة لا يمكن أن نلمَّ بها وبتفرعاتها وأنواعها، فهي مكونات تفرض نفسها دون عائق ودون حاجز ودون عبثية، عكس المنافقين الذين يحتاجون إلى التسلح بثقافة الزهور ليرتقوا بعدها إلى مستوى المسئولية والإنسانية والأخلاقية والتعامل البشري، لكي يتخففوا من متاعبهم وآلامهم وينتعشوا على أمل الشفاء وانبعاث الروح في أجسادهم من جديد. إن أغرب ما في مآسي المنافقين أنهم يكرِّسون نفاقهم الاجتماعي تحت وطأة جفافهم الذي يعيشون بداخله وفق منطقة محدودة. فالنفاق أصبح مصدراً لإلهامهم، بل صار كنزاً للثراء وللشهرة وللتجارة ومجلبة لسرورهم ورخائهم، بعد أن تمكنوا من خلق قاعدة وصولية ضخمة في كيفية تمرير احتياجاتهم ومتطلباتهم واستجداءاتهم وتوظيفها وفق برامج غير موضوعية وغير عقلانية وليس بها فكر. إنهم يشبهون بالدقة متسلقي الجبال الذين قد يصلون للقمة التي يريدونها أو التي يتمنون الوصول إليها بعد تحدي الثلوج والصخور، لكن قد يموتون وهم يريدون العودة. إن المنافقين بائسون، لا يخرجون من قمة إلى قمة، بل من وحل إلى وحل، ومن وقت عصيب إلى أوقات عصيبة أخرى، وهم إضافة إلى تلك التعاسة لا يدرون متى يصلون إلى مبتغاهم ولا متى يعيشون كما يعيش الأسوياء، وإذا كانوا كذلك، فأضف إلى بؤسهم أنهم قضوا أعمارهم خائفين يترقبون، أو يسترضون أو يستعطفون ليكسبوا حاجة صغيرة لا تُسمن ولا تُغني من جوع، وبدلاً من أن يكونوا مبتهجين بأعمالهم وسعداء، نراهم خائفين مما قد يكون في نفوسهم، أو محيطاً بهم بلا جدوى ولا فرح أبيض. إننا إذا استعرضنا حال المنافقين عموماً نجدهم يعيشون تعاسة وهياجاً وانقلاباً نفسياً وخواء فكرياً، بالتأكيد سيدفعون ثمن ذلك مرضاً وتشتتاً وحيرة، وهم في كل هذا لا يدرون ماذا يفعلون، لأنهم أنانيون وانتهازيون لا يفكرون إلا بأنفسهم وكيف يبثون سموم مبتغاهم. إنهم لا يملكون عذوبة ولا تفرداً ولا تميزاً، وإنما شبق يكتنف حياتهم ومناخاتهم المتخمة بالأسى المفرط، ليس للأفق عندهم ضياء، إنهم مثل الذي يحمل بين يديه الماء والنار، حتماً يصبون إلى ما وراء المحال، قلوبهم حائرة، متدثرة بالعزلة، ومتهدجون بغناء لا يسمعه أحد، مبللون في محراب الكذب، وغارقون في صومعة البهتان، لا تغريهم الفاكهة ولا الألحان الجميلة، ولا الغيمة العابرة، ولا ساعات الفجر ولا مصابيح الضياء ولا المطر، ليس لهم تراتيل عذبة، ولا أيدي حانية، سوى أنات متقطعة، وعبارات مبتورة، ونفوس تنزف أحلاماً مضببة، وكلاماً ينضح بالألم، إنهم يشبهون الصور التي ليس لها اسم ولا عنوان ولا دليل، وجوههم شاحبة تشبه خيوط الدخان، لا قناديلهم تنزف ضوءاً ولا رائحة الشوق تفيض منهم، انفرطوا فوق أسرتهم كما تنقرط الكلمات، وتهامسوا في قلق كما يتهامس الأعداء، تخلوا عن الحب، واهتموا بتسكعهم عند هبوط الليل، تركوا القمر، ودخلوا الملاجئ تحت الأرض، ليس لهم مرآة ولا شعر ولا حتى بقايا عشق، ليلة بعد ليلة وشيئاً فشيئاً سيشعر المنافقون بحقيقتهم كالصوت الدامي لأجراس الإنذار، أو كزئير المدافع أو القنابل الساقطة أو الصواريخ، لأنهم ارتضوا أن يحولوا الحقيقة الأبدية والحياة اليانعة والصدق والعذوبة والحب والسمو إلى خراب وزيف ورماد. إن المنافقين الاجتماعيين حتماً سيشيخون وسيعودون لا شيء، وسيصبحون مثل الممر الخالي أو الكهف العتيق.
ramadanalanezi@hotmail.com