فاصلة:
(نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيم)
- قرآن كريم, سورة الحجر-
استمعت إلى برنامج تلفزيوني للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي وكان يتحدث عن الطاعات التي توجب دخول الجنة وأنها مضمونة لمن شهد يقيناً أن لا الله إلا الله محمداً رسول الله.
شدّني الحديث لأنه متفائل بعكس بعض مشايخنا الذين يتحدثون عن الدين بالترهيب لا بالترغيب مع أن الحديث الصحيح عند مسلم عن أبي ذر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: «بشرني جبريل أنه من مات من أمتك يشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فهو من أهل الجنة»، قال أبو ذر: وإن زنا وإن سرق؟ قال صلى الله عليه وسلم: وإن زنا وإن سرق، قال أبو ذر: وإن زنا وإن سرق؟ قال: وإن زنا وإن سرق، قال أبو ذر: وإن زنا وإن سرق؟ فقال صلى الله عليه وسلم: وإن زنا وإن سرق على رغم أنف أبي ذر.
هذا الحديث يؤكد عدم الاستناد إلى ما انتشر بيننا من تهويل بين الناس وتعظيم لبعض السلوكيات الحياتية أو حتى الألفاظ اللغوية حتى بدأ الإنسان يسأل نفسه كيف أصبحت آخرته في قبضة الآخرين؟
في مقالة جميلة للشيخ عائض القرني في جريدة الشرق الأوسط قبل أشهر تساءل: لماذا لا نكون مع نصوص الكتاب والسنّة بين الخوف والرجاء؟ ولماذا لا نكون على ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال: «الفقيه كل الفقيه مَن لم يؤمِّن الناس من مكر الله ولم يقنّطهم من رحمة الله»؟
أعتقد بأن الشيخ الفقيه بالفعل هو الذي يستطيع تحقيق هذه المعادلة الوسطية والمشكلة لا تتقزم بأن لدينا فقهاء متشددين بل إن كثيراً من الناس أصبحوا فقهاء يحللون ويحرمون بل ويستشهدون بالأحاديث النبوية ليؤكدوا صحة أحكامهم، ويصبح الإنسان وكان هذا الدين السهل السمح سلسلة من النواهي والعقوبات واليأس من رحمة الله.
ولا نكتفي بجلد الذات بل ويمتد نهجنا الحياتي إلى تخويف الأطفال من خلال الوالدين في البيت والمعلم في المدرسة ليكبر الطفل وفي مخيلته النار وليس الجنة وبذلك القلق والتوتر لا يستطيع أن يفهم كيف أن الله عفو يحب العفو ونبيه كريم حينما يخير بين أمرين يختار أيسرهما.
إن التراكم الثقافي لتفسير الآيات والأحاديث النبوية وتكريس وسائل الإعلام لخطاب ديني متشدد خلق في النفوس ميلا إلى الخوف دون الرجاء وهي حالة سقيمة لا يمكنها أن تجعل الإنسان يمارس عباداته في مناخ خال من التوتر والخوف من كل شيء.
الأمر ليس بسيطاً.. الدين هو حياة الإنسان بأكملها، واجتماعياً فإن القيم هي التي تشكل وجدان الإنسان ليستطيع أن يحيا حياته بأمان، فإذا تشكلت منظومة القيم والمبادئ وكأنهّا حبل مشنقة فكيف يستطيع الإنسان أن يعيش ويتنفس الهواء!!
nahedsb@hotmail.com