Al Jazirah NewsPaper Tuesday  25/05/2010 G Issue 13753
الثلاثاء 11 جمادىالآخرة 1431   العدد  13753
 

حولها ندندن
الأنموذج
د. جواهر بنت عبد العزيز آل الشيخ

 

شارك الكثيرون من أبناء الوطن الأديب والوجيه الكبير عبد المقصود خوجه، مأساته في فقد ابنه (الشاب إباء) رحمه الله وإيانا والمسلمين رحمة واسعة، ورغم أن الموت يطرق كل باب ويدخل عقر كل دار، إلا أن هناك من تشاركهم النفوس والقلوب أتراحهم وأفراحهم، لقربهم الروحي منهم، حتى ولو عزّ قربهم المحسوس.

والسبب في ذلك واضح كل الوضوح في مشاركة المجتمع للأستاذ عبد المقصود خوجه، وذلك لأنه شاركهم أفراحهم، فغير خافٍ على أحد جهوده في تكريم معظم أبناء الوطن على اختلاف مشاربهم ومناطقهم، ولكن القاسم المشترك في هذا التكريم هو جهودهم من أجل الوطن ورقيه.

وهذا جانب مهم وعظيم يُحمد للسيد خوجه، فهو قد ابتعد عن الإقليمية المقيتة، فكل المكرمين أبناء وطن واحد، يجمعهم الإبداع الأدبي والعلمي، والرغبة في رفع رأس بلادنا عالية، ولم يفرق أو يميز بينهم في أي تكريم معنوي أو مادي، إلا في مستوى إبداعاتهم، وخدمتهم للوطن، بل إن فيض نداه قد طال علماء وأدباء مسلمين وعرب من خارج حدود البلاد.

ومما يحمد لهذا الأديب القدير الكريم، أنه لم يضنّ على وطنه وأبناء وطنه بما حباه الله من قدرة مادية ووجاهة معنوية، فجعلها خدمة لدينه وبلاده، وهو بهذا يمثل قدوة رائعة راقية لجميع أبناء وطننا بعامة، (وأثريائنا بخاصة)، لاسيما من انغلقوا على ذواتهم، ولم ير الوطن وأبناؤه خيرهم المادي والمعنوي.

إن هذا الأديب الوجيه يمثل نموذجا طيبا لجميع أبناء هذه البلاد المباركة، المترامية الأطراف، والتي تمثل قارة كبرى، ينظر إليها الجميع بتقدير وإكبار، حيث تجمع مناطق شاسعة وأقاليم متعددة، يجمعها دين واحد ووطن واحد، وبالتالي هدف إيجابي عظيم واحد، فهو ممن يمثلون وحدة الوطن الغالية على قلوب المخلصين من أبنائه وبناته.

لذا فليس بغريب أن يحزن الجميع لحزن ابن وطنهم البار ،حينما التاع بفقد فلذة كبده الذي اغتالته يد المنون على حين غرة، وهو مازال في ريعان الصبا وتفتح ورد الشباب، الذي قال عنه والده :بأنه ابن مكة المكرمة التي نشأ على مبادئها، وتزود من أخلاقها، وجعل من قداستها ورفعتها هديا له، لذلك فإن هذا الحب الاجتماعي الجماعي يذكرنا بقول الشاعر العربي الحكيم:

من يفعل الخير لا يُعدم جوازيه

لا يضيع العرف بين الله والناسِ.

لستُ ممن يعرفون الشيخ عبد المقصود عن قرب، بيد أني أسمع وأقرأ وأرى، وشعاع الشمس لا يستطيع حجبه أحد، والناس يعلمون من هو المحسن المصلح ومن هو نقيض ذلك، أو من نظرته لا تتعدى حدود أفقه الضيق الذي تخنقه ظلمة الأنانية الشخصية.

لذا نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينزل سكينة المؤمنين الصابرين المحتسبين، على هذا الأديب الفاضل، وأن يجعل ما قدمه ثقلا في موازين أعماله الصالحة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله (بقلب سليم)، كما نسأل الله تعالى له ولنا الثبات على ما يرضيه، وأن تستمر مسيرته الأدبية لخدمة الوطن والصالحين من أبنائه، وأن يرزقه الاحتساب في كل ما يفعله من خير معنوي أو مادي، سيسطره له تاريخ الوطن بحروف من ذهب، وأن يكون أجره الأخروي عند الله خير وأبقى.

g.al.alshaikh12@gmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد