Al Jazirah NewsPaper Monday  24/05/2010 G Issue 13752
الأثنين 10 جمادىالآخرة 1431   العدد  13752
 
من القلب
عرس القرن 2-2‏!!‏
صالح رضا

 

لن استرسل عن العرس المئوي الكبير الذي أقيم في حدائق غناء ‏‏جميلة ورائعة تتبع لنادي فولهام اللندني.. بل سأتحدث فيما وراء ‏‏الحفل.. أو خلف الكواليس إذا صحت التسمية.. فالحدائق الغناء ‏‏التي تحيط بصالات الاحتفال الكبير.. تجعلك في حالة انبهار وانصهار ‏‏مع الطبيعة الخلابة التي تنتشر حول النادي اللندني في قلب لندن ‏وبمساحات كبيرة.. حيث يبلغ ثمن المتر الواحد يقدر بمئات الألوف ‏من ‏الجنيهات الإسترلينية.. أي بما يساوي ملايين الريالات.. ومع ‏ذلك أبت ‏عليهم حضارتهم العريقة.. وأبى عليهم القانون.. وأبت ‏عليهم أيضا ‏نظافة اليد.. مصادرة تلك المساحات الخضراء.. ‏لمصلحة البناء المسلح والاستثمار ‏التجاري والسكني.. ومنعت أي ‏طامع فيها.. قد يتجرأ على ارتكاب ‏إثم عظيم.. يحركه وحش الأنانية ‏الكامن في بعض النفوس التي لا ‏تشبع ولا تقنع.. ويحركها أيضا.. ‏شرور شهوة المال وسطوته.. فاللهم ‏أغننا بوجهك الكريم عما ‏سواك.‏

لديهم الصحة وحرية الرأي والمساواة هي أقدس الميادين المشرعة ‏‏للجميع.. فحدائق الله.. هي لعباد الله من كل لون وجنس ودين.. لم ‏‏يصادر أحد حق أحد في الاستمتاع.. بنفس عميق مليء بالأكسجين ‏‏داخل مدينة تضج بملايين البشر وملايين المركبات في الأرض ‏‏والجو وفي نهر التايمز العريق.. ومع ذلك لم تتلوث كمدينة جدة ‏‏على سبيل المثال.‏

قلت للزملاء قبيل بدء الحفل :إن أولئك القاطنين في جحور الحنق ‏‏على المتفوقين هنا في فولهام اللندني وفي الليلة اللندنية.. بأنهم ‏‏كلما تأملوا الحقيقة هنا.. كلما تألموا من الحقيقة الصارخة هناك.. ‏‏فالهلال زعيم آسيا قد أضحى في توأمة حضارية مع ريال‎ ‎مدريد ‏‏الأوروبي وكوتريكو الإفريقي و نادي بينارول مونتيفيديو الأمريكي ‏‏اللاتيني ونادي ستابريسا الكوستاريكي عن القارة الأمريكية ‏‏السكسونية ،ونادي ملبورن الأوقيانوسي. ‏

في طريقنا من الفندق إلى قاعات الاحتفال.. وليست قاعة واحدة كما ‏‏يود - من قتلتهم مشاعر الغيرة القهرية - أن يدّعوا بها.. كان ‏‏الزميل الأستاذ عبدالخالق الزهراني وهو - فاكهة الرحلة - بطيبته ‏‏ونقاء سريرته وابتسامته التي لا تفارق محياه.. كان يقول بلكنة (‏‏زهرانية) جميلة و(دمها خفيف).. يقول ما معناه: إن مثل هذه ‏‏السيارة الفارهة التي نمتطيها لم نكن نراها إلا لماما في جده.. وإذا ‏‏بنا نمتطي سربا منها في لندن.. وهذا السائق المتأنق أكثر منا.. لو ‏‏رأيته في صحيفة لقلت هذا عمدة لندن.. مثل هذه الكفشات هي ما ‏‏تجعل ضحكاتنا ترتفع بين الحين والآخر..حتى السائق يضحك ملء ‏‏شدقيه.. وكأنه استوعب اللهجة الزهرانية الساخرة.‏

في مدخل الصيوان الطبيعي النباتي المحيط بصالات الاحتفاء ‏‏العالمي.. فرش المدخل بالسجاد الأحمر.. وموسيقى القرب ‏‏الاسكتلندية التي يتقنها أولئك القادمون من أدنبرة.. يتفننون في ‏‏أنغامها احتفاء بالضيوف.. وعندما ترجل الأخ عبدالخالق من ‏‏السيارة.. صدحت تلك الفرقة الاسكتلندية بالموسيقى وتركزت ‏‏الفلاشات والكاميرات ومراسلي الوكالات نحو الأخ عبدالخالق ‏‏الزهراني الذي تلحف بعلم المملكة العربية السعودية.. فكان موقع ‏‏احتفاء عشرات المراسلين الأجانب.. وهو يلج إلى قاعة ‏فسيحة ‏وقف فيها المئات من الشخصيات الكروية العالمية.. ونحن ‏من ‏ورائه نتقاطر الواحد بعد الآخر.. وكان الأستاذ حسن الناقور -‏عضو ‏شرف الهلال- موقع استهداف مصوري الحفل أيضا.. بطلعته ‏‏البهية.. وعذوبة ألفاظه ولغته الإنجليزية عالية الجودة.. التي ‏‏اكتسبها من الولايات المتحدة في دراسته الثانوية و الجامعية.. ومن ‏‏إنجلترا عند تحضيره لدراساته العليا.‏

بعد الحفل الكبير.. تحلق مندوبو الفيفا ورجال الأعمال وبعض ‏‏مسيري الأندية العالمية حول الدكتور علي بن حسن الناقور.. ‏‏للتعارف وتبادل المجاملات التي تتلوا الأحداث الرياضية الأوربية ‏‏الكبيرة.. فقد كان الدكتور موقع شكر وتقدير وعرفان من تلك ‏‏الشخصيات الرياضية كداعم للحركة الكروية العالمية.‏

في حفل العشاء الكبير الذي أقامه المليونير السعودي الدكتور علي ‏‏الناقور.. توافد عدد من الطلاب السعوديين الذين حضروا الاحتفال.. ‏‏يملؤهم الأمل في الالتقاء بإخوان لهم قدموا من أرض الوطن.‏

كان أولئك الطلاب الهلاليون.. يحاولون إقناع الدكتور الناقور ‏‏بالانضمام لشرفي الهلال.. بحجة أن الأهلي ناد ما زال يعيش في ‏‏الماضي البعيد - حسب تعبير طالب اتحادي -.‏

كان الدكتور الناقور يبتسم وهو يقول : معليش أنا أيضا أعيش في ‏‏الماضي وأعشقه، وابني حسن يعيش في الحاضر والمستقبل لذا ‏فهو هلالي ‏ثم يطلق ضحكة يتبعها بتنهيدة وكأني به يشكو من إحباط ‏مزمن من ‏أحوال ناديه الذي يتمنى الجميع أن يحدث فيه نقله نوعية ‏وفكرية ‏ونتائجيّة مع تولي الشاب الأمير فهد بن خالد رئاسة الأهلي.‏

الأستاذ علي الزمانان سكرتير أول السفارة السعودية بلندن يبذل كل ‏‏جهد في تذليل أي عقبات طارئة تواجه السعوديين، وعلى وجه ‏‏الخصوص الطلاب القادمين لحضور الحفل من مناطق أوروبا ‏‏المختلفة.. فالرجل يستحق الاحترام والإشادة.‏

الزميل عادل النجار مسئول الرياضة في الرصيفة عكاظ.. مثال ‏‏للشاب الرياضي المتكامل.. فهو لاعب كرة ماء متفوق وصحفي ‏‏متزن ورائع وعلى خلق عال افتقدناه في بعض صحفيي هذا الزمن.‏

الزميل أحمد العجلان.. كم غبطت صحافتنا أن يكون فيها شاب بمثل ‏‏هذه المواهب.. وهذه الكاريزما التي جعلته موضع اهتمام الجميع.. ‏‏إلى جانب الأدب والخلق الراقي الذي يدل على أصالة معدنه وحسن ‏‏تربيته.‏

المجنون الهلالي الأول حسن بن علي الناقور يناصره الزملاء ‏‏سلطان المهوس وفهد الروقي وطلال الغامدي.. حيث أصروا على ‏‏مشاهدة مباراة الهلال وفريق بونيودكور الأوزبكي في مقهى لندني ‏‏يجتمع فيه الشباب العرب.. فتبعناهم.‏

الزميل فريد مخلص كان متفاعلا مع الهلال بدرجة لفتت الانتباه ‏‏وكذلك الزميل عادل النجار..كما يوجد شباب عرب في المقهى أقنعهم ‏‏مستوى الهلال على تشجيعه.. فوحدنا الزعيم في بوتقة وطنية ‏‏وعربية قلما تتاح لفريق آخر.‏

بقي سؤال يردده السذج وهو كيف يحصل الهلال على لقب نادي ‏‏القرن وعمره لم يتجاوز نصف القرن.. ونقول لهم: إن المسألة ‏‏أبسط مما تتصورون.. فإنجاز الهلال في القرن الماضي الذي ينتهي ‏‏بتمام العام 2000.. فهو أكثر أندية آسيا بطولات قارية وعلى ‏‏جميع الأصعدة الآسيوية في القرن الماضي.. واليابانيون ‏والكوريون اقتنعوا بالأمر ‏لأنهم أمم متطورة ويستوعبون جيدا لغة ‏الأرقام التي لا تتجمل ولا ‏تكذب.. بينما البعض هنا ما زلوا يعيشون ‏في حالة تأزم شديدة.. ‏بينما قضي الأمر بتنصيب الزعيم فريق القرن ‏لأكبر قارات العالم. ‏

هذه بعض الخواطر التي بقيت في ذاكرة رحلة القرن لحضور عرس ‏‏القرن وعريسها العربي الأصيل نادي الهلال السعودي.. وكل مائة ‏‏عام وأجيالنا القادمة بألف خير.‏



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد