الرياض – واس :
أولت قيادة المملكة العربية السعودية جُلَّ اهتمامها بالشأن الخليجي وعملت بكل صدق ومحبة وإخلاص على تحقيق ما فيه خير شعوب المنطقة وأمنها واستقرارها.
فمنذ القمة التأسيسية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في أبو ظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة في الحادي والعشرين من شهر رجب عام 1401هـ الموافق الخامس والعشرين من شهر مايو 1981م برزت مواقف القيادة السعودية بالفعل قبل القول في دعم العمل الخليجي والنهوض به على المستويين الداخلي والخارجي.
وتجلّى اهتمام القيادة السعودية بمجلس التعاون الخليجي منذ تلك القمة حيث عبر جلالة الملك خالد بن عبد العزيز - رحمه الله - عما يحمله من رؤية ثاقبة تجاه إنشاء هذا الكيان بقوله - رحمه الله - في تصريح أدلى به لوكالة أنباء الإمارات عقب وصوله إلى أبو ظبي (إننا نتطلع أن يكون لهذا التجمع الخير للأمة الإسلامية).
وأكد جلالته أن هذا التجمع يعمل لخير المنطقة ولا يهدف من قريب أو بعيد بطريق مباشر أو غير مباشر للإضرار بأحد فهو ليس تكتلاً عسكرياً ضد أي فريق وليس محوراً سياسياً ضد أي قوى.
وأضاف (أنه التقاء دوري بين أخوة أشقاء يسعون للعمل على رفاهية ورخاء واستقرار شعوبهم المتجاورة).
وفي حديث لصحيفة السياسة الكويتية نشرته يوم 22 - 7 - 1401هـ الموافق 26 - 5 - 1981 أكد جلالة الملك خالد بن عبد العزيز - رحمه الله - أن مجلس التعاون الخليجي سيصل إلى تقنين التفاهم الودي وجعله عملاً منظماً تسير عليه معاملات المنطقة بيسر ومحبة لترجمة رغبة شعوبها وأهلها التي عاشت على الأخوة والوئام.
ووصف جلالته قمة مجلس التعاون الخليجي في أبو ظبي بأنها حدث تاريخي طالما انتظرته طويلاً أجيال منطقة الخليج وشبه الجزيرة.
وجدّد - رحمه الله - التأكيد على أن لقاء أبو ظبي ليس موجهاً ضد أحد وهو لتنظيم حال أسرة واحدة يكون تحركها تحركاً موحداً.
وقال: (إن هدفنا خير أمتنا وخدمة عقيدتنا الإسلامية وهي عقيدة بها كل الخير للبشرية وبها العدل وأي تفسير خارج هذا الإطار هو تفسير خاطئ الغاية منه التشويش وهو موضوع لم يعد يؤثر فينا).
وأضاف جلالته (قررنا بمشيئة الله مع إخواننا في الخليج أن نترجم الرغبات إلى نظم نسير عليها لصالح منطقتنا وحماية خيراتها ولتوحيد كلمتنا).
واضطلع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - بدور مهم في هذا المجال لما قدمه من عطاء ورعاية للمجلس منذ نشأته ثم انطلاقته إذ وقف في الدورتين الأولى والثانية يشد من عضد أخيه جلالة الملك خالد بن عبد العزيز - رحمه الله - ثم حمل المسؤولية انطلاقا من الدورة الثالثة التي عقدت في المنامة في شهر محرم من عام 1403هـ الموافق لشهر نوفمبر من عام 1982هـ.
ومنذ ذلك التاريخ تمكن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - بحكمته الثاقبة وبعد نظره من دعم السير بالمجلس نحو القمة متجاوزاً كل الصعوبات التي تقف في طريقه ساعياً مع إخوانه قادة دول المجلس إلى بلوغ الهدف المنشود.
ومن بين أبرز الأدلة التي تبرهن على حرص المملكة العربية السعودية على وحدة هذا الكيان وصموده والعبور به إلى بر الأمان بالرغم من التحديات التي واجهته الموقف الرائد والمشرف الذي وقفه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - تجاه غزو النظام العراقي السابق لدولة الكويت الشقيقة العضو في مجلس التعاون ذلك الموقف الذي ستظل الأجيال المتعاقبة ترويه بدون كلل أو ملل موقفً يدل على شجاعته وحنكته ويترجم حكمته وبعد نظره.
فمنذ اليوم الأول للغزو قام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - طيب الله ثراه - بإجراء سلسلة من الاتصالات والمشاورات الواسعة مع مختلف الأطراف العربية والإسلامية أملاً في إيجاد حل عربي إسلامي للقضية يجنبها أي تدخل أجنبي ويتيح المجال للتوصل إلى حل ينهي المشكلة والآثار المترتبة عليها ولكن نظام الحكم في العراق رفض الاستجابة لنداء العقل.
وهنا نهض خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - يرحمه الله - بمسؤولياته الثقيلة بكل قوة واقتدار واتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب فقد كان يوم الثامن عشر من محرم لعام 1411هـ الموافق التاسع من شهر أغسطس 1990م نقطة تحول جذرية في الموقف برمته إذ أعلن الملك فهد بن عبد العزيز - طيب الله ثراه - في كلمة استعرض خلالها الأحداث المؤسفة قراره التاريخي الحازم والحاسم بالاستعانة بقوات شقيقة وصديقة لمساندة القوات المسلحة السعودية في أداء واجبها الدفاعي عن الوطن والمواطنين ضد أي اعتداء.
وقال خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - في هذا السياق (إن القضية واضحة تماماً فالأزمة الخطيرة في الخليج والتي تنذر بانفجار رهيب في المنطقة لها سبب واحد وهو العدوان العراقي على أرض الكويت وسيادته واستقلاله ومقدراته وإذا كان سبب الأزمة واضحا تماماً فإن إنهاء الأزمة واضح تماماً أيضاً وهو إزالة السبب ويتمثل ذلك في الانسحاب العراقي من الكويت بلا شروط وعودة الشرعية إلى هذا البلد العربي المسلم الشقيق).
لقد كان الملك فهد - رحمه الله - يدرك بفضل ما حباه الله من حصافة في الرأي ونفاذ في البصيرة أن قوات الغزو العراقية ستنسحب من الكويت سلماً أو حرباً.
وفي هذا السياق قال - رحمه الله - في كلمته في الدورة الحادية عشرة التي عقدت في الدوحة في 7 - 6-1411هـ الموافق 24 - 12 - 1990م (لم نتخذ قرارا بحرب أو سلم ولكننا اتخذنا قرارا بعودة الكويت سلما ما أمكن السلم وحربا حين لا يبقى سوى الحرب).
ومن المواقف الخالدة أيضاً للمملكة العربية السعودية استقبال قيادة وحكومة وشعب الكويت أثناء الأزمة في صورة تعكس عمق العلاقات والأواصر التي تربط بين قيادتي وشعبي البلدين الشقيقين.
وواصل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - المسيرة في دعم مجلس التعاون لدول الخليج العربية ووضح ذلك جلياً في الكلمات التي ألقاها أيده الله في دورات المجلس الأعلى للمجلس التي رأس فيها وفد المملكة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله -.
ففي كلمته الضافية والشاملة في الدورة التاسعة عشرة التي عقدت في أبو ظبي في 18 شعبان 1419هـ الموافق 7 ديسمبر 1998م دعا أيده الله ورعاه إلى تحقيق المزيد من التعاون بين الدول الأعضاء في المجال الاقتصادي وركز على جملة من السياسات الاقتصادية التي من شأنها تسريع التعاون في هذا المجال مشدداً على ضرورة الإسراع في تفعيلها ومن أهمها قيام الاتحاد الجمركي على أساس تعرفه جمركية موحدة واقترح حفظه الله سنة واحدة كحد أقصى لاستكمال الاتحاد الجمركي الخليجي.
كما دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (ولي العهد آنذاك) في كلمته تلك إلى تحويل التعاون العسكري لدول المجلس من قوة رمزية إلى قوة فاعلة تحمي الصديق وتردع العدو.
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز واضحاً وشفافاً وهو يطرح القضايا الملحة آنذاك التي تتطلب حلولاً جذرية وأهمها الصعوبات الاقتصادية التي كانت تواجهها دول المجلس نتيجة انخفاض أسعار البترول.
وقال حفظه الله: (لعله من الضروري أن نبدأ بأكثر التحديات إلحاحا فما مرت به دولنا وسائر الدول المصدرة للبترول في السنة الأخيرة من ظروف صعبة أمر يحتم علينا أن نسميها باسمها الحقيقي فنقول إنها وصلت إلى مرحلة الأزمة وأدى التدهور السريع في أسعار البترول إلى انخفاض حاد في المداخيل أثر تأثيراً ملموساً على الإيرادات في كل دولة من دول الخليج لذلك علينا ألا نقف مكتوفي الأيدي ونحن نرى مصدر دخلنا الأساسي يتعرض لهذه الهزة الكبيرة نتيجة الخلل الذي طرأ على التوازن المطلوب بين العرض والطلب في سوق البترول وهذا أمر يستدعي منا جاهدين السعي داخل منظمة الأوبك وخارجها لإعادة التوازن إلى السوق).
وتطرق أيده الله إلى توطين الوظائف فقال: (إن التزام الدول بسد الحاجات الأساسية للمواطنين هو التزام ثابت ودائم إلا أننا لا نستطيع الخروج من الأزمة الاقتصادية ما لم يواكب التزام الدولة توجه في الارتقاء بقدرات الفرد ومواهبه لكي يصبح أكثر قدرة على التنافس والإنتاج والتأقلم مع المستجدات ولكي يمكن الوصول إلى هذا الهدف فإن على القطاع الخاص أن يخفف من الاعتماد على غير المواطنين ويحل المواطنين محلهم ضمن برنامج عملي مرحلي مدروس وذلك انطلاقا من أن اعتمادنا سياسة التخصيص يقوم على إيماننا التام بضرورة المشاركة الفعالة بين القطاعين العام والخاص).
واقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - إعادة النظر في مناهج التعليم بدول المجلس لرفع مستواها وطلب من قادة دول المجلس توجيه الوزراء المعنيين بإعطاء هذه الناحية ما تستحقه من أهمية.
وقال أيده الله في هذا السياق (إن الحديث عن الاقتصاد لا يجب أن يحجب عن أنظارنا حقيقة أساسية وثروة حقيقية تكمن في الإنسان بكل معطياته البشرية فهو الاستثمار الأجدى والأنفع وأنتم تعلمون أن غالبية مواطني دولنا من الشباب الذين تمكنا بفضل الله وتوفيقه من تيسير أسباب التعليم لهم يحتاج في مرحلته الراهنة والمستقبلية إلى كل ما هو جديد وحديث في مجال العلوم العصرية ذلك أمر يحتاج منا في دول المجلس إلى إعادة النظر في مناهج التعليم بدول المجلس لرفع مستواها ولعلكم تستحسنون معي توجيه الوزراء المعنيين بإعطاء هذه الناحية ما تستحقه من أهمية بحيث تكون أمامنا في لقائنا بإذن الله خطوط عريضة لمنهج خليجي دراسي للنظر فيه).
وفي الدورة الحادية والعشرين التي عقدت في مملكة البحرين في 4 شوال 1421هـ الموافق 30 ديسمبر 2000م ركز خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (ولي العهد آنذاك) في الكلمة التي وجهها إلى الدورة على ضرورة تطوير التعاون العسكري بين الدول الأعضاء وتنمية القدرة الدفاعية الذاتية الفاعلة لدول المجلس.
وفي هذا السياق قال - حفظه الله -: (إذا كان التعاون الاقتصادي يمثل القاعدة والمنطلق لتوفير الرخاء والازدهار لمواطني مجلس التعاون عبر إيجاد شبكة من المصالح المشتركة والمتبادلة فإن تنمية قدرة دفاعية ذاتية وفاعلة لردع أي اعتداء محتمل على دولنا يشكل ضرورة قصوى لا يجوز التقليل من أهميتها أو الاستهانة بها وهذا الأمر كما هو معروف يتطلب منا جميعاً التحرك بكفاءة وحزم في اتجاه النهوض بقدرات المجلس الدفاعية ليتسنى لنا مواجهة التحديات الراهنة والمحتملة.
وأضاف - حفظه الله - قائلا: (إن ما تم إنجازه في هذا المجال يظل محل تقديرنا إلا أنه ما زال أمامنا الكثير مما يتعين علينا بذله وتسخيره لبناء القوة الذاتية المطلوبة في إطار إستراتيجية دفاعية واحدة تضع في خدمة الأمن الخليجي كل ما هو متوفر لدينا من قدرات بشرية ومادية وإذا ما أردنا لقوتنا العسكرية أن تكون فاعلة ومثمرة فإن من الضروري أن تستند هذه القوة على إرادة سياسية ورؤية مشتركة وموقف موحد إزاء كيفية التعامل مع الأحداث والتطورات المحيطة بنا).
ودعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى تسريع الخطى واستجلاء مواطن الضعف والخلل في مسيرة المجلس مؤكدا أن مجلس التعاون مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى لإثبات وجوده وتحسيس مواطنيه بالمكاسب والفوائد التي تعود عليهم من مثل هذا التجمع في مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والأمنية وإشعار المواطن الخليجي بالإجراءات التنفيذية التي تم أو يتم اتخاذها وأن لا تقتصر جهود قادة دول المجلس على البيانات والتصريحات فقد حان الوقت لنجعل من هذا الكيان قوة فاعلة ورافداً للخير والنماء لتتقيأ في ظلاله دولنا وتنعم بثمراته شعوبنا ومنطقتنا.
وفي الدورة الثانية والعشرين التي عقدت في العاصمة العمانية مسقط في الخامس عشر من شهر شوال 1422هـ الموافق 30 ديسمبر 2001م واصل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (ولي العهد آنذاك) الاهتمام بقضايا الأمة الخليجية وحمل همومها إلى تلك القمة حيث شخص - حفظه الله - في كلمته أمام القمة الداء واقتراح الدواء.
وقال - أيده الله -: (إن الداء الذي لا أظننا نختلف على طبيعته هو الفرقة القاتلة التي أبعدت الجار عن جاره ونفرت الشقيق عن شقيقه).
ورأى - حفظه الله - أن الدواء يكمن في الوحدة التي تعيد الجار إلى جاره والشقيق إلى حضن شقيقه.
ويقول الملك عبد الله بن عبد العزيز في هذا السياق (إن الوحدة الحقيقية لا تنصب على الشكليات ولكنها تقوم على مشاريع اقتصادية مشتركة تنظم من أقصاها إلى أقصاها وعلى مناهج دراسية واحدة تنتج جيلاً شاباً مؤهلاً للتعامل مع المتغيرات وعلى قنوات عربية وإسلامية تستطيع معالجة مشاكلنا).
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز واضحاً وصريحاً وهو يطرح القضايا الملحة أمام إخوانه قادة دول المجلس لمعالجتها وتسريع خطوات المجلس في تحقيق الوحدة والتعامل بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات وصراحته تلك تنبع من حرصه - أيده الله - على تحقيق الأهداف التي أنشئ لأجلها المجلس.
ويقول - حفظه الله - في هذا السياق: (إننا لا نخجل من القول إننا لم نستطع بعد أن نحقق الأهداف التي توخيناها حين إنشاء المجلس ولا زلنا بعد أكثر من عشرين سنة من عمل المجلس نسير ببطء لا يتناسب مع وتيرة العصر والإنصاف يقتضي أن نقرر أن دول المجلس استطاعت تحقيق إنجازات طيبة يجيء في مقدمتها حل الأغلبية الساحقة من القضايا الحدودية المعلقة الآن جزء يسير يذكرنا بالجزء الكبير الذي لم يتحقق فلم نصل بعد إلى إنشاء قوة عسكرية واحدة تردع العدو وتدعم الصديق ولم نصل بعد إلى السوق الواحدة ولم نتمكن بعد من صياغة موقف سياسي واحد نجابه به كل الأزمات السياسية).
وقدم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وثيقة لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس خلال اللقاء التشاوري الرابع للقادة الذي عقد خلال شهر مايو عام 2002م بمدينة الرياض تضمنت أرائه - حفظه الله - في تطوير وتفعيل مجلس التعاون ومن بينها إصلاح النظم التعليمية وتوحيدها في الدول الأعضاء بالمجلس تلك الوثيقة التي تعكس مدى حرصه - حفظه الله - على تفعيل آليات التعاون بين الدول الأعضاء وتوحيد السياسات الاقتصادية والتعليمية وغيرها كونها السبيل الوحيد لمزيد من الوحدة والتلاحم بين شعوب الدول الأعضاء وهو الهدف الأهم لمجلس التعاون الخليجي.
وتبنت الدورة الرابعة والعشرون للمجلس الأعلى لمجلس التعاون التي عقدت في دولة الكويت في ديسمبر عام 2003م أهمية اتخاذ القرارات اللازمة والخطوات العملية للبدء في تنفيذ أهداف إستراتيجية التنمية الشاملة التي سبق إقرارها في الدورة التاسعة عشرة للمجلس الأعلى في أبو ظبي. وطالبت قمة الكويت بالبدء في عملية إصلاح النظم التعليمية وتوحيدها في الدول الأعضاء حسب ما جاء في الوثيقة المقدمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (ولي العهد آنذاك).
وواصل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز جهوده لتطوير التعاون العسكري الخليجي الذي طالب - حفظه الله - في القمة التاسعة عشرة في أبو ظبي بتحويله من قوة رمزية إلى قوة فاعلة تحمي الصديق وتردع العدو فاقترح - حفظه الله - جملة من الآليات لتطوير ذلك التعاون عبر رسائل بعثها إلى إخوانه قادة دول المجلس قبل انعقاد الدورة السادسة والعشرين التي عقدت في شهر ديسمبر 2005م في أبو ظبي.
وقد بارك المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي في دورته الخامسة والعشرين مقترحات خادم الحرمين الشريفين بشأن تطوير قوات درع الجزيرة وأحالها إلى مجلس الدفاع المشترك لدراستها ورفع التوصيات بشأنها، وفي الدورة السابعة والعشرين التي عقدت في مدينة الرياض نهاية العام 2006م اطلع المجلس على نتائج الاجتماع الدوري الخامس لمجلس الدفاع المشترك حيث صادق على الدراسة التي رفعها مجلس الدفاع المشترك الخاصة بمقترح خادم الحرمين الشريفين لتطوير قوة درع الجزيرة والتي تهدف التي تعزيز وتطوير القوة وزيادة فعاليات القتالية وكلف الأمانة العامة بمتابعة استكمال الدراسات والتنظيمات المتعلقة بذلك. ولم تغب القضايا العربية والإسلامية عن ذهن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وهو يخاطب قادة دول مجلس التعاون في أي قمة من القمم الخليجية فهي كانت حاضرة دائمة في خطابه ولها نفس الاهتمام منه - حفظه الله - شأنها شأن القضايا الخليجية فقد كان - أيده الله - ينادي دائماً بالوحدة العربية وحل الخلافات بينها ونبذ الفرقة ووحدة الصف العربي لمواجهة التحديات والأخطار التي تحيط بالأمتين العربية والإسلامية وينادي دوماً بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً لأنه السبيل الوحيد لإحلال السلام في المنطقة. ومن أهم القضايا التي تصدرت اهتمامات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وشكلت حيزاً كبيرا في كلماته في دورات المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي القضية الفلسطينية وقضية القدس.
ففي الدورة التاسعة عشرة للمجلس التي عقدت في أبو ظبي في 18 شعبان 1419هـ الموافق 7 ديسمبر 1998م أكد - حفظه الله - أن قضية القدس هي قضية كل عربي مسلم في كافة أنحاء المعمورة. وقال - أيده الله -: (إن الحفاظ على هوية القدس الشريف واجب مقدس يحتم علينا التحرك في كل ميدان كما أن حماية القدس أمر لا يهم المسلمين وحدهم ولا الدول الأعضاء في الأسرة الدولية وإنما يتجاوزه إلى كل إنسان حي الضمير).
وفي الدورة الحادية والعشرين التي عقدت في المنامة في 4 شوال 1421هـ الموافق 30 - 12 - 2000م عاد خادم الحرمين الشريفين ليؤكد اهتمامه بهذه القضية من جديد، حيث قال: (مازلنا نواجه على الساحة السياسية نفس القضايا التي شغلت حيزاً كبيراً من اهتمامنا وشكلت مصدراً مستمراً للتوتر وعدم الاستقرار في منطقتنا ويأتي في مقدمة هذه القضايا القضية الفلسطينية والوضع المتفاقم في الأراضي المحتلة والناجم عن العدوان الوحشي المستمر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني الباسل). وأكد - حفظه الله - أن عملية السلام لا يمكن أن تقوم لها قائمة ما لم يتحرك المجتمع الدولي لوضع حد للتجاوزات الإسرائيلية الخطيرة.
وفي القمة الثانية والعشرين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي التي عقدت في مسقط في 15 شوال 1422هـ الموافق 30 ديسمبر 2001م قال - حفظه الله -: (إذا ما حولنا نظرنا صوب أمتنا العربية والإسلامية راعنا ما يحدث لأشقائنا في فلسطين الشقيقة من تدمير ومذابح دامية تتم تحت سمع العالم وبصره).
وأضاف - حفظه الله -: (إن هذه المشاهد الأليمة تحتم على الأمة العربية والإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها أن تواجه مسؤوليتها التاريخية التي تتطلب محاسبة النفس قبل محاسبة الغير ولا يكون ذلك إلا بمواجهة أسئلة ملحة وخطيرة طالما تهربنا من مواجهتها في الماضي).
ومضى الملك عبد الله بن عبد العزيز قائلا: (ماذا فعلنا نحو تحقيق المبادئ السامية التي قامت عليها جامعة الدول العربية ماذا فعلنا لتنفيذ معاهدة الدفاع المشترك ماذا فعلنا لتحقيق الوحدة الاقتصادية والسؤال الأهم هل ما يدور الآن في فلسطين من قمع دموي سيحدث لو أن إسرائيل وجدت أمامها أمة تتحرك عبر مؤسسات فاعلة وقوية مؤثرة؟.
أحسب أننا نطرح هذه الأسئلة نتلمس طريقنا إلى الأجوبة ومع الأجوبة الصحيحة نستطيع) بحول الله وقوته (الوصول إلى أهدافنا الصحيحة).
وأضاف - حفظه الله -: (إن وقتنا أثمن من أن نضيعه في استجداء الدول والمنظمات الدولية واستعطافها وقد فعلنا هذا عبر عقود طويلة الزمن بلا جدوى وجهدنا أثمن من أن نهدره في شجب واستنكار وقد قمنا بهذا عبر عقود طويلة بلا فائدة.
إن وقتنا كله يجب أن يكرس لمحاسبة النفس العربية والإسلامية على التقصير وحثها على عدم تكرار الخطأ.
وإن جهدنا كله يجب أن ينصب على إصلاح البيت العربي والإسلامي وجعله قادراً على مواجهة التحديات. وأحسبنا لا نتجاوز الحقيقة إذا اعترفنا أننا جميعاً ولا أستثني أحداً بأننا أخطأنا في حق أمتنا الكبرى حين سمحنا لعلاقتنا العربية والإسلامية أن تكون قائمة على الشك وسوء الظن بدلاً من المفاتحة والمصارحة). وتأكيداً على الترابط الذي يجمع دول مجلس التعاون على مستوى القيادات كما على مستوى الشعوب وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - بإطلاق تسمية الشيخ جابر على القمة الخليجية السابعة والعشرين التي عقدت في الرياض عام 2006م.
وخاطب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في افتتاح القمة الخليجية في الرياض المواطن الخليجي والعربي والعالم بأسره، خاطبه بكلمات معبرة وقف بها على حجم وأبعاد المخاطر والتحديات الحقيقية التي تواجهها الأمة من خلال النظرة الثاقبة التي اتسمت بها كلمته - حفظه الله - ودعوته دول الخليج العربية الوقوف صفا واحد ليكونوا عونا لأشقائهم في الوطن العربي.
وفي ذلك يقول - حفظه الله -: إن منطقتنا العربية محاصرة بعدد من المخاطر وكأنها خزان مليء بالبارود ينتظر شرارة لينفجر.. إن قضيتنا الأساسية قضية فلسطين الغالية لا زالت بين احتلال عدواني بغيض لا يخشى رقيبا أو حسيبا وبين مجتمع دولي ينظر إلى المأساة الدامية نظرة المتفرج وخلاف بين الأشقاء هو الأخطر على القضية.. وفي العراق الشقيق لا زال الأخ يقتل أخيه ويوشك هذا الوطن العزيز أن ينحدر في ظلام من الفرقة والصراع المجنون.. وفي لبنان الحبيب نرى سحباً داكنة تهدد وحدة الوطن وتنذر بانزلاقه من جديد إلى كابوس النزاع المشؤوم بين أبناء الدولة الواحدة. وفي خليجنا هذا لا يزال عدد من القضايا معلقا ولا يزال الغموض يلف بعض السياسات والتوجهات.
وأضاف - حفظه الله - يقول: (وفي غمرة هذه المشاكل ليس لنا إلا إن نكون صفاً واحدا كالبنيان المرصوص وأن يكون صوتنا صوتاً واحداً يعبر عن الخليج كله. بهذا الصف الواحد والصوت الواحد نستطيع أن نكون عوناً للأشقاء في فلسطين والعراق ولبنان ودعماً لأمتنا العربية والإسلامية في كل مكان).
وحول التطلعات الخليجية رأى خادم الحرمين الشريفين في قمة الكويت الخليجية 2009م محطة مهمة في محطات العمل الخليجي من أجل المزيد من الإنجازات التي ترضى طموح أبناء الخليج، وعبّر خادم الحرمين الشريفين في حديثه لصحيفة السياسة الكويتية في ديسمبر 2009م عن تطلعه إلى أن يرى مسار دول مجلس التعاون الخليجي أفضل بكثير من مسار الاتحاد الأوربي وفي ذلك يقول - حفظه الله -: (عندما أقارن بين علاقات دول الاتحاد الأوروبي فيما بينها، وأنظر إلى العلاقات الخليجية - الخليجية، ويعلم الله أنني أتحدث بكل صدق عندما يسألني أحد عن هذا الشأن، فأقول عندما أنظر إلى ما بين شعوب ذلك الاتحاد من اختلاف في العادات واللغة والثقافة، ورغم ذلك قطع اتحادهم شوطاً كبيراً في سبيل التوحد والتضامن، والربط المصلحي بين شعوبهم.
إنني أطمح أن أرى دول مجلس «التعاون» الست، والتي يجمعها الدين الواحد واللغة الواحدة، بل اللهجة الواحدة، أقول أطمح أن أرى مسار هذه الدول أفضل بكثير من مسار الاتحاد الأوروبي، فلديها كل مقومات الترابط المصلحي التي تجعلها وحدوية بصورة أفضل من الاتحاد الأوروبي).
وأضاف - رعاه الله -: (إن دولنا تمتلك ثقافة وحضارة دينية إنسانية عميقة، وتتمتع بقوة اقتصادية كبيرة، ولذلك فهي قادرة على تحقيق قفزات كبيرة في مجال التطور والنمو، وعليها أن تتماشى مع تطورات العصر حتى لا تكون خارج الركب العالمي لحركة التطور).
وحول التضامن فيما بين دول المجلس يقول - حفظه الله -: (إذا لم نتضامن سنكون لقمة سائغة للطامعين، أو سنخضع لشروط الأجندات الخاصة ببعض القوى، والعالم يستقوي على الضعيف وينفرد به، وعلى العرب أن يتعلموا من تجارب الماضي وينظروا إلى المستقبل بكل مسؤولية، ورغم أننا نطمح إلى الكثير في (الخليجي)، إلا أن العرب يستطيعون أن يتعلموا من الثمار التي جنتها دول هذا المجلس في الثلاثين عاماً الماضية، كما أن دول الخليج من حقها الطبيعي أن تكون متضامنة إلى أبعد الحدود لتكون القوة الفاعلة وحتى لا يستفرد بها أحد. لقد كنت صريحاً مع الإخوة القادة في القمة الأخيرة في الكويت عندما قلت إن المملكة وقادتها يسعون إلى كل ما يكون فيه خير دول المجلس، ونريد أن نرى تضامننا يصل إلى درجة الإحساس الوحدوي، ولا أخفيكم أننا شعرنا بالرضا والتضامن عندما أعلن القادة ومنذ بداية جلسات القمة، وبكل صراحة، دعمهم الكامل للمملكة العربية السعودية في مواجهتها للمتسللين على حدودنا.