يقولون: إن العرب لم يتعلموا من التاريخ. والحقيقة الملموسة أنهم تعلموا من التاريخ كثيراً، ولكنه التاريخ المزيف إذ حرصوا أو بعضهم على أن يكون المعلم الذي يأخذون العبرة والتجربة منه، فإذا به مجرد فخ، أوقعهم في مسلمات واستنتاجات منحرفة فسارت بهم إلى مسارات متاهات.....
.....ومنحدرات جعلت (فوائد) التاريخ وبالاً يزين السوء، ويقبح الحسن فصارت معظم النتائج الرسوب في مادة التاريخ. زيف التاريخ توارثه بالدعم من أعجبه زيفه لنفس أغراض المزيفين لأول لذا طال عمر الزيف وظل يحس بتجدد شبابه.
ونحن في الثلث الأول من القرن الخامس عشر الهجري نجد المقالات والمنتديات تقنن الأخطاء مع النفاق مثل:
أ- ايراد الأدلة على طريقة: ?لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ? و ?فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ?.
ب - إخراج المعنى عن سياقه الذي ورد فيه.
ج - الأخذ بشاذ الأدلة المقابلة لمجموع أدلة أكثر وأقوى، وتفضيل المرجوح على الراجح ما دام يسند الهوى، والأخذ بكل خطأ يقع فيه عالم، و(لكل جواد كبوة، ولكل عالم هفوة) ولكن مع التوقف عن الأخذ بما أصاب فيه من عديد الأقوال والأفعال.
د - الأخذ بقول العالم المشتهى قوله ولو كان قديماً عدل عنه. أي أنه خطأه فيما بعد.
هـ الاستدلال بأدلة لا تنسجم مع ما استدل بها عليه.
و - بسط الاستدلال ليشمل أموراً أخرى غير ذات توافق تام.
ز - عدم قبول المعقول والمفهوم، وفقاً لقواعد ومصطلحات وأصول (عقلية) من جانبها هدفها تعطيل العقل المستظل بالإيمان لكي ينساق إلى حيث يساق.
ح - عدم تطبيق الأدلة في مواقف تستلزمها.
ط - وضع مصطلحات وتعريفات غير سليمة ولا مطابقة لواقع الحال، فيسهل عليه تطبيق الأحكام الملائمة للخطأ الأساس في التعريف وكأن في الأمر منطقاً ومعقولية.
ي - يبيح لنفسه الأخذ بآراء ونتائج تستند على قواعد يصوغها ولا يسمح لغيره بالأخذ بها، بل في موضع آخر قد ينتقدها ويبين عيوبها ما دام ليس بحاجة إليها، كأن يقبل برواية من يراه في مجال آخر غير مقبول الرواية! أي يجرح ويصحح شخصاً واحداً حسب هواه في روايته. أو على الأقل يسكت عن تجريح روايته.
وبذا يصبح الهوى والنفاق من قوانين الدنيويين، الذين منهم من يسألون عن دم البعوضة ويقتلون الحسين، والهوى غلاب، وليس فقط الهوى الذي يعنيه بيرم التونسي. إن التجرد والحيادية مرقى صعب لا يصل إليه إلا الرياضيون نفسياً وفكرياً وتربوياً.
(كلنا مسلمون) و(ولدنا على الفطرة) عبارات حق قد لا تعكس الحقيقة كما عناها الإسلام، يولد من يولد على الفطرة ولكن قد يتغير فيخرج عنها إلى ما سواها.
وكلنا مسلمون، نعم نشهد الشهادتين، لكن منذ العصر النبوي والمنافقون أكثر من المسلمين الصادقين الصالحين، وينطقون الشهادتين، واسألوا حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر. هذه من العبارات التي يجادل بها بعض من يقولون ما لا يفعلون، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون. وفعلاً يقول بها أناس كل أو جل أقوالهم ومواقفهم ضد جماعة المسلمين ومبادىء إسلامية، وتخدم وتنسجم مع مسلمات أعداء الدين، ويقولون: (كلنا مسلمون)!.. يعارضون.. يجابهون.. ويؤكدون: كلنا مسلمون.. ولا تسل عن المضمون.
ali.aliesa@gmail.com