أهداني سعادة الأخ المبدع دائماً، الدكتور محمد بن صالح الرصيص بتاريخ 4-5-1431هـ نسخة من كتابه القيم (تاريخ الفن التشكيلي) في المملكة العربية السعودية تلبية لطلبي، وقد كنت متابعا لخبر إصداره عبر الصحيفتين الفنيتين بملحق الجزيرة الثقافي الأسبوعي (المجلة الثقافية) وصفحة (فنون جميلة) ليوم الجمعة بصحيفة الجزيرة والتي يقوم بإعدادهما والإشراف عليهما منذ ثلاثة عقود الفنان التشكيلي المخضرم الأستاذ محمد المنيف فضلا عن متابعتي له في معرض الكتاب والصحف المحلية الأخرى.. وحقيقة فقد قرأته خلال أسبوع واحد مرتين لما اتسم به من أسلوب بحثي متميز ومنهج علمي معاصر وطرح مشوق مع تتابع منطقي في سيرة تاريخ الفن التشكيلي في المملكة وهو العنوان الذي يؤكد ما حواه الكتاب بدقة لبعد مفهوم كونه مجرد رصد لحركة الفن التشكيلي أو حصر لأسماء الفنانين من رواد ولمن بعدهم وإنما كمنجز وطني معبر بدقة عن تاريخ الفن التشكيلي في المملكة وعاكساً الصورة المشرفة والمشرقة لما تزخر به بيئة المملكة من إرث تاريخي وثقافي ممتد امتداد مساحتها الشاسعة مع عمق تاريخي منطلق منذ أن بنى أول إنسان وأبو البشر آدم عليه السلام - البيت العتيق ومنذ أن رفع قواعده نبي الله إبراهيم عليه السلام.. ومن خلال اطلاعي ورحلتي مع هذا الكتاب القيم فإني أجزم بأن الدكتور محمد قد عانى كثيرا لكي ينجز هذا المشروع الفني التشكيلي وأن بضعة ضمن المشهد الثقافي السعودي، إذ تكمن الصعوبة في عدم وجود أو لنقل ندرة المراجع والبحوث أو الدراسات والكتيبات في المجال مقارنة بالإبداعات الأدبية والفنية والثقافية والتراثية الأخرى مما يعني الحاجة إلى فريق عمل متخصص للقيام بمثل هذا الكتاب الفريد من نوعه حالياً ثم ان ما يميز هذا الكتاب اعتماد مادته في إعطاء نماذج من أعمال بعض الفنانين الذين سبق وأن درسوا هذا الفن سواء من خلال معهد التربية الفنية الثانوي سابقا أو كليات المعلمين، أو أقسام التربية التقنية في الجامعات، أو ممن حصلوا على ابتعاث أو دورات فنية أو تواجد فني وهذا شيء جيد يتواكب وموضوع الكتاب سيما وان الانطلاقة الحقيقية بدأت مع بداية التعليم النظامي وإنشاء وزارة المعارف بعد أن كانت مديرية للمعارف وذلك في بداية السبعينيات الهجري من القرن الماضي.
ولذا فهو بمثابة أساس وكمرجع كاف وشاف لا يمكن الاستغناء عنه أو إغفاله من قبل الباحثين والدارسين فهو نواة لمكتبة تشكيلية سعودية قادمة بإذن الله.
وما كان لذلك الجهد المثمر أن يتحقق أو يحصل لو لم يجد الدكتور محمد التشجيع والمؤازرة من قبل وزارة الثقافة والإعلام ممثلة بمعالي الوزير الدكتور عبدالعزيز السبيل الذي رأى أن الدكتور محمد جدير بأن يكون أهلا للترشيح للقيام بمثل هذا الإنجاز التشكيلي الوطني المتميز.. ولا يخفى أن الدكتور عبدالعزيز قد أوجد نقلة نوعية وعلى كافة الصعد في المشهد الثقافي السعودي - ولعل ما تضمنه الباب الثامن من توصيات هامة يتحقق قريباً استكمالاً لما تحقق من إنجازات مؤخرا وأخيرا فقد جاء اختبار شكل الكتاب وحجمه بما يتوافق والمواصفات العالمية تصميما وإخراجا، ولما لهذه الكتب وما يماثلها من الكتب التاريخية والتوثيقية والموسوعية من أهمية خاصة.