أتساءل عن السبب الذي يجعلنا نتزاحم دوماً حتى القتال على إلقاء الأسئلة ورميها حمماً على رؤوس بعضنا بينما نتوارى (كلنا) خلف ستار من السرية لنحيط به تفسير الإجابات وكأننا لا نملكها.
ما الذي جعلنا بلا لون ولا رائحة ولا حتى «ظل» يجعلنا نقف في كل حالاتنا، ما الذي يعيبنا إن قلنا أننا «أخطأنا» ما الخطأ في الاعتراف بعثرة سبقت خطوتنا أمس.. هل نخشى أن تكون العثرة «مكررة» أم لأننا نمشي في الطريق نفسه دون هدى يجعلنا ذلك نخاف ونتأكد من التخبط في حضرة الأمس.
في الإعلام العربي هناك نماذج أحبطتنا وجعلتنا «أسرى» لثقافة «قل ولا تقل» فتحول الجمهور (الغلبان) إلى قوالب يرمى فيها كل يوم ما طاب للكبار رميه، فكانت وجبة لا تسمن ولا تغني من جوع، في الوقت الذي بات فيه الجمهور «متمرداً» على واقعه ويضحك على ما يشاهد ويسمع ويقرأ، وتسبب ذلك في سقوط إمبراطوريات إعلامية وانكشاف أسماء (هلامية) أسقطها وكشفها الجمهور.
سأعود للمربع الأول حيث تساءلت عن تفوق الإعلام العربي في الأسئلة وخشيته الإجابة عنها ولا يملك الشجاعة (الكافية) لتبيانها للناس، ولديه حسابات معقدة من المصالح التي لا تنتهي، وهو لا يصحح نفسه بل الواقع هو من يفعل ذلك ولا تعتقدوا بأنه راضٍ عن (الحقيقة) بل إن مقتضيات الزمن جعلته واقفاً دون (قيود) فبات يتحرك خطوة ويتعثر دوماً.
لا أسمي شيئاً بعينه لكن الإعلام العربي الرسمي اليوم في معركة حقيقية مع الواقع الذي جعله ضعيفاً جداً، وهو اليوم يحاول جاهداً لإعطاء الجمهور (بعض) ما يريد وتحوّل الأمر من تلقين «موجه» إلى إعلام ممكن بمستقبل بطيء جداً لا يتناسب مع الواقع.
لا أنادي بإعلام أصفر يستوعب كل خبر تأكدنا من صحته أم فبركنا، ولا أبحث عن صورة أرفع بها المبيعات على حساب سمعة الآخرين، ولا أرغب في إعلام يمسك بالعصا والجزرة، بل إنني أحلم بإعلام عربي يقول كلمته (ويمضي).
هذه كلماتٍ يقولها كل واحدٍ فينا وهي ضمت داخلها أسئلة (منقبّة) من الواقع ولا أظن بأنني هنا اليوم جئتكم بما كان خافياً عليكم، لكنها كليمات رغبت في طرحها كي لا يقال أنني لم أقل.
m.alqahtani@al-jazirah.com.sa