يبدو أن غالبية مستخدمي الطرق داخل مدينة الرياض والمدن الكبرى استبشروا خيراً بنظام ضبط المرور (ساهر)، وكلنا نعلق آمالاً كبيرة عليه وأمثاله من الأنظمة التي من شأنها تقليل الحوادث المرورية وما يتبعها من خسائر في الأموال والأرواح، والتدرج بالانضباط حتى نصل بإذن الله لمستوى متحضر بلغته أقوام غيرنا نحن أحق منهم به، إذ إننا نصطف بانضباط بالمساجد خمس مرات باليوم بين يدي الله سبحانه وتعالى فهل نعجز أن ننظم أنفسنا في الطرقات والشوارع وأمام إشارات المرور؟! فمما يدعو للاستغراب أن يتجزأ الفهم عندنا والأصل هو الثابت، والشرع قد علمنا ودعانا منذ قرون للانتظام والانضباط في شؤوننا وأمور حياتنا، والقوانين والأنظمة إنما جعلت لمن يخرج عن دائرة الوعي العام ويخرق الأنظمة ويكسر القواعد التي تؤسس لهذه النظم وفيها من الجزاءات والروادع ما يناسب المخالفات..
ومع التسليم بأن أنظمة المرور للجميع فإن هناك تساؤلات تتردد في المجالس عن إلزامية تطبيق النظام وهل يشمل العاملين بالدوريات المرورية والسيارات المخصصة لرجال الأمن والمرور؟ فإن كان الجواب بنعم؛ فما بال رجل مرور يضع يده اليسرى على مقود سيارة الدورية وهو جالس شبه مضطجع على جانبه الأيمن وبيده اليمنى الهاتف الجوال يتحدث ويتبسم والناس تشاهده باستغراب، وبين فينة وأختها يطلق صوت المنبه لفتح الطريق له رغم أنه يأخذ أقصى اليمين من الطريق ولا يبدو أنه في مهمة والحالة هذه، ومعلوم أن بعض من يستقل الدوريات وسط الزحام يعمد أحيانا لإضاءة المصابيح العليا الملونة بإشارة لتسهيل مروره وإن لم تفلح يطلق أبواق التنبيه بسرعة إخلاء الطريق أمامه، وقائدو المركبات لا يعرفون مدى صدقيته ولكن أسلوبه بالقيادة لا يدل على أنه في مهمة، هذه أمثلة لتساؤلات الجمهور وهي تعني أن من يسن النظام أجدر بتطبيقه كقدوة ولتعميق القناعة لدى العامة أن النظام للجميع ولا بد من التقيد به.
ومشاهدات ومواقف مرورية لا يجد لها مستخدم الطريق حلولاً أو أجوبة مقنعة ولا النظام يشرحها ضمن حملة توعوية واضحة شاملة مكثفة تصل آثارها للجميع، من ذلك؛ هل يحق لعابر الطريق بسيارته الالتفاف يميناً عند الإشارة المرورية، أم أنه ممنوع، وإن كان مسموحاً بذلك فما جزاء من يقف أقصى اليمين عند الإشارة الحمراء ويمنع الآخرين من الانعطاف يميناً والكاميرا ترصده؟ وهناك فهم غائب حول نظام الجزاءات المرورية بالنسبة للسيارات المستأجرة، أو السيارات الحكومية حين التعامل مع شركات التأمين، وأيضا السيارات الخليجية والأجنبية كيف يمكن التعامل مع أصحابها عند الحوادث المرورية وإجراءات التعويض، فالذي يبدو أن كثيراً من المواطنين يجهلون مثل هذه الإجراءات، فهل شملت حملات التوعية هذه المسائل، أم سيقول قائل (عندكم موقع المرور على النت فيه الكفاية) وهل فيه الكفاية فعلاً؟ آخر تعاملاتي مع المرور أنني سجلت رقم جوالي في نظام ساهر، فوردني رسالة بالترحاب وأن عليَّ أن أدفع ريالين ونصف قيمة الرسالة (حتى هذه أنت مطالب بدفع قيمتها ويريدون التفاعل معهم بشفافية)!!