كنت من أوائل من ابتهج بأخبار (تنظيم ساهر) المروري بعد أن استفحلت حوادث المرور كماً وكيفاً.. حيث بلغت حوادث المرور خلال السنوات الخمس الماضية أرقاماً مهولة حسب الإحصائيات الرسمية، حيث وصل عددها مليوني حادث نتج عنها (30) ألف متوفى أي بمعدل (16) متوفى بشكل يومي وبشكل أكثر دقة أي كل ساعة ونصف تزهق نفس بريئة رحمهم الله و(170) ألف مصاب ومعاق، فضلاً عن (13) مليار ريال تذهب سنوياً نتيجة الحوادث كما جاء في آخر تقرير للجنة السلامة المرورية.
أرقام كبيرة ومقلقة جداً. ومن هنا كان فرحنا (بنظام ساهر) لنشر مظلة السلامة على طرقنا، لكن التطبيق كان متعجلاً ولم يكن موفقاً.. ولقد بدت ملاحظات مهمة وجوهرية على هذا التطبيق تسببت في انزعاج الناس ومعهم حق.. وقد اتصلت بأخي العقيد/عبدالرحمن المقبل مدير مرور منطقة الرياض ومدير نظام (ساهر) وقد أبدى تفهماً كبيراً من منطلق خلقه وحرصه على نجاح التنظيم، وقد أوضح لي بعض الأمور حول تطبيق النظام لكن الموضوع يحتاج إلى المزيد، حيث طلبت منه أن يعطيني رقم أحد الأخوة القائمين على تطبيق النظام أو يطلب منه مهاتفتي للمزيد من الحوار حول هذا الموضوع ولكن يبدو أن انشغال (أخي أبا فهد) أنساه الموضوع!.
إنني أحد الحريصين على نجاح تنظيم (ساهر) من أجل سلامة الأرواح، وتقليص الإصابات والإعاقات، وحفظ الأموال والممتلكات.. ولكن التسرع في تطبيق التنظيم خلق التذمر منه والشك في الغرامات المحصلة، وتسبب في تزايد وتكرار الغرامات الكبيرة والمتعددة التي يتم تسجيلها وهذه هي أبرز الملاحظات التي توصلت إليها شخصياً أو تلقيتها من آخرين.
أولاً: لم يسبق هذا التنظيم حملة توعوية وتعريفية كافية لشرح أبعاده وتطبيقاته وأهدافه للسائرين على الطرق ليتفاعلوا معه ويستجيبوا له حرصاً على سلامتهم، لأن الهدف الحد من المخالفات وليس جني الغرامات، ولعلنا نذكر الحملة التوعوية الكبيرة التي سبقت ورافقت (نظام حزام الأمان) مما جعل الناس يتجاوبون معه ويطبقونه دون أن يكون الخيار الأول تسجيل المخالفات وأخذ الغرامات، وقد كانت هذه الحملة أحد أسباب نجاح تطبيق حزام الأمان.
ثانياً: كيف يحق للمرور أن يأخذ غرامات على السرعة وطرق الرياض لم يحدد فيها مقدار السرعة إلا في شوارع قليلة وبلوحات صغيرة لا يستطيع أن يقرؤها أو حتى يراها إلا من كان من أحفاد (زرقاء اليمامة) ويفترض أنه تم تركيب لوحات كبيرة على الطرق وعند الإشارات يوضح فيها مقدار السرعة فضلاً عن نشر ذلك في الصحف ووسائل الإعلام الأخرى، وأمر آخر قاله لي معالي د. أحمد الضبيب ونحن نتحاور حول تنظيم ساهر ألا وهو إعادة تحديد السرعة في بعض الشوارع مثل شارع التخصصي، فمن الصعب أن تحدد السرعة بسبعين كيلاً فقط في مثل هذا الطريق مما يجعل البعض لا يتقيد بذلك وهو طريق كبير وواسع.
ثالثاً: أغلب الناس لا تصلهم (رسائل جوال) بالمخالفات، حيث لم يصاحب ذلك توعية ودعوات على كافة قنوات الاتصال لطلب ودعوة السائقين إلى إرسال رسائل إلى (ساهر) الذي لا يعرفون رقمه فيبعثون رقم الهوية الوطنية إلى نظام ساهر ولهذا ستستمر المخالفات لعدم معرفة الناس بمعلومات كافية عن تطبيقه.
رابعاً: الرسائل التي تصل إلى الجوال ناقصة فهي ليس فيها تاريخ اليوم ومكان المخالفة، ونوعيتها وعندما تحاول الدخول إلى الموقع بالنت تجد صعوبة بذلك وأما الرقم المجاني فهو الآخر لا يعطيك المعلومات الكافية ويفترض أن تكون الرسالة كاملة عبر الجوال فهو الوسيلة الأسرع والأسهل والتي يتعامل معها كل الناس والسائقين.
خامساً: المبالغة في فرض الغرامات منذ البداية وقد أبلغني أحد الزملاء بمجلس الشورى أنه خلال عدة أيام بلغت الغرامات التي وصلته ما يعادل راتب سائقه الشهري، وكان يفترض البدء برسائل إشعارية عن المخالفات ومقدار الغرامة عليها لمدة شهر على الأقل للتوعية ولتنبيه وتحذير الناس أولاً ثم بعد هذا الشهر أو أكثر يتم إرسال المخالفات وتحصيل الغرامات، لأن الهدف هو اتباع أنظمة المرور وليس تغريم السائقين، وقد جاء في الأثر الشريف: (نصرت بالرعب مسيرة أربعين يوماً) وكون الناس يستجيبون طوعاً أو حتى خوفاً خير من الاستجابة تغريماً.
سادساً: كتابة أرقام اللوحات بالرسالة الجوالية المرسلة يلاحظ فيها خطأ بالتقديم والتأخير بالحروف مما يجعل من وصلت إليه الرسالة يشك هل هذه الرسالة تخصه أم لا؟، لأن حروف اللوحات تبدأ من اليمين ولكن حروف اللوحات بالرسائل تأتي حروفها من اليسار ومن هنا يأتي الشك لدى صاحب السيارة هل هذه خاصة بسيارته أم بسيارة أخرى؟!.
وبعد:
إنني مع هذا التنظيم، ومع سمو أهدافه لكنني وغيري ضد التسرع في تطبيقه قبل وجود حملة إعلامية تعرف به وبتطبيقاته وبخاصة بعد أن تزايدت شكوى الناس من كثرة الغرامات، ويجب ألا تقل حملة التوعية حوله عن ثلاثة أشهر وفي كافة الوسائل الإعلامية مقروءة ومسموعة ومرئية بالإضافة إلى رسائل توعوية عبر الجوال ولوحات الشوارع وغيرها.
إنني أثق بحرص المسؤولين عن المرور في بلادنا بدءاً بمعالي مدير الأمن العام الفريق سعيد القحطاني ومدير عام الإدارة العامة للمرور اللواء سليمان العجلان ثم مدير إدارة مرور منطقة الرياض العقيد عبدالرحمن المقبل.
إنني استشرف ألا يفشل أو يسيء التسرع في التطبيق وعدم الدقة في التنفيذ لهذا النظام البالغ الأهمية ولأهدافه التي ترمي إلى توفير السلامة للناس وحفظ أرواحهم، وليدرك أحباؤنا رجال المرور أن السرعة مذمومة سواء كانت عبر طرق السير أو عبر تطبيق الأنظمة..!
حفظ الله أرواحنا وممتلكاتنا وبلادنا.
عضو مجلس الشورى