الحرب الوطنية على فكر الإرهاب، وبالتالي على فكر التطرف والغلو، لم تأت من فراغ، ولم تتبلور هكذا اعتباطاً لأسباب وهمية، كما ولم تكن في يوم ما من المبررات الواهية كتلك التي يسوقها أو قد يعلقها البعض على متاهات الجدل الثقافي والعراك العقدي أو حتى السجالات الفكرية وتلك المذهبية أو حتى الدينية. فالحرب الوطنية على الإرهاب حرب شرعية عادلة وشريفة هدفها الوحيد الحفاظ على الأمن والاستقرار الوطني، والحفاظ على تعاليم الشريعة الإسلامية الحقة، وقضيتها تبعاً لذلك هي: نكون أو لا نكون.. ذلكم هو السؤال وتلكم هي الحقيقة.
تمشياً مع هذه الحقيقة جاءت توجيهات وتأكيدات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ مفتي المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء على ضرورة التصدي لأفكار الفئة الضالة، وذلك بعد أن تسلم خطاب سماحة المفتي المتضمن تجريم تمويل الإرهاب لما فيه من فساد وزعزعة الأمن والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة.
وأيضاً تأكيدات النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز يحفظه الله على وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف خصوصاً المساجد والجامعات والمدارس ووسائل الإعلام، محاربة الفكر المتطرف الذي يقوم على تكفير الدولة وعلمائها، وطالب سموه جميع الأئمة والخطباء بتوعية المواطنين والمقيمين بالأمن الفكري وأهميته لمحاربة الغزو الفكري الذي تعرض له الشباب ليصبحوا وقوداً للتفجيرات في مختلف مناطق العالم.
هذه الحقائق السامية تضع واجبات ومسؤوليات جسام على عاتق على كل مواطن مسؤول له صلة أو احتكاك مباشر أو غير مباشر مع الشباب أبناء الوطن ورجال المستقبل خصوصاً من أعضاء هيئة التدريس والأساتذة، وذلك لتوعية الطلاب بمخاطر فكر التطرف والإرهاب ولمنع تأثرهم بأي شكل أو حال بجراثيم التطرف والغلو التي تقود حتما إلى العنف والإرهاب. فالتصدي لأفكار الفئة الضالة كما أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله في خطابه واجباً دينياً ووطنياً مفروضاً على الجميع.
من هنا بات من الواجب على كافة المؤسسات العلمية والتعليمية بمختلف المستويات والمراحل والأصعدة ضرورة عقد لقاءات حوارات وطنية لا صفية بين الطلاب (بعضهم البعض) بإشراف الأساتذة والمختصين لمناقشة القضايا الهامة المتعلقة بتحقيق ومن ثم الحفاظ على متطلبات الأمن الوطني الفكري وتلك القضايا والمخاطر التي تمثل تهديداً لأمن واستقرار الوطن والمواطنين.
فالحوارات لا تكشف وحسب ما هي مشاعر وأحاسيس وتطلعات بل ومشاكل الطلاب، وإنما توضح أيضاً ماذا يريدونه؟ وما هي أهم الطموحات التي يتوقون تحقيقها، الأمر الذي يساعد على التخطيط لمستقبل أفضل للوطن وللمواطنين. كما وتساعد الحوارات الطلابية اللاصفية على تنمية وتفعيل وتطوير وعي الشباب بمخاطر الفتاوى المضللة أو تلك التي تهدف إلى إشعال نيران الخلافات والفتن في العالم الإسلامي.
نعم لقد أصبح العالم الإسلامي كله على علم ودراية أكيدة بأن بعضاً ممن يرتدون قناع الإسلام ومن يدعون فقهه خصوصاً ممن ينتمون إلى تنظيم القاعدة أو فكر التكفير والتطرف والإرهاب ما هم إلا من فئة الخوارج، الفئة الضالة التي خرجت على أهل السنة والجماعة بعد أن ضلت طريق الحق والصواب والتحقت بجحافل الضلال ومساره المهلك. لكن لا يمكن أن نسلم بتلك الحقيقة إلا بعد أن نفحصها ونمحصها هنا على مستوى الوطن من خلال برامج الحوار الوطني بين الطلاب وبينهم وبين أساتذتهم.
لا بد للشباب أن يعوا ويدركوا تماماً أن دعاة الفكر الضال هم من الخوارج، وأن هؤلاء الخوارج حادوا عن مسيرة الحق وخرجوا عن جادة الصواب بعد أن ضاعوا في متاهات الفتاوى المزيفة لزعامات التطرف والغلو التي تلحفت وتخفت تحت رداء الفقه والعلم الشرعي وهي لا تعي أو تفقه شيئاً من أمر واحد من الأمور الفقهية أو الشرعية.
* www.almantiq.org