كثيرة هي الدروس التي بمقدور الإنسان أن يخرج بها، وأن يذكرها من حوله من حادثتي سيول جدة والرياض التي أحدثت نقلة في تفكير الإنسان السعودي، ومن هذه الدروس:
أن التألي على الله تعالى من المحذورات التي شدد الشارع الحكيم تجنبها، فمن زعم أن هاتين المدينتين لن تشهد أمطاراً بهذه الدرجة فقد وقع في هذا المحذور، والبنى التحتية فيهما مؤشر صريح على هذا التوجه من قبل بعض الأشخاص، فقد مكر هؤلاء ومكر الله والله خير الماكرين..
أن الرقابة الإلهية يجب أن نجددها دوماً مع الله جل وعلى في جميع سلوكياتنا العلنية والسرية؛ لأنه تبارك وتعالى لا يغفل عنا في كل الأحوال.
أن المواطنة الصادقة، ليست أقوالاً يرددها بعض الناس علناً نثراً وشعراً في مناسبات وطنية وهي ليست مجموعة أزياء يرتدونها في احتفاليات معينة، وهي ليست طقوساً يذكّرون بها، وهي ليست حضوراً اجتماعياً في مناسبات رسمية، وهي ليست مجاملات لأشخاص من ذوي النفوذ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
أن تحقيق آمال وتطلعات ولاة الأمر لا يجب أن تكون على أسس ضعيفة، تضعف أو تنهار أمام أمطار ذات منسوب متواضع بقياس خبراء الإرصاد الجوية.
أن الله خلق الأرض ووزع عليها الجبال والسهول والوديان، فيجب أن يتم تحقيق الأهداف من وجود هذه المخلوقات، لا أن تعمد جهات معينة إلى تغيير هذه التركيبة الإلهية في كونه.
أن هلع الإنسان السعودي وغير السعودي على ممتلكاته من الضرر الناتج من السيول يجب أن لا يغيب عن فكر كل منا، فقد أصاب الهلع الكبير والصغير والرجل والمرأة على ممتلكاتهم.
أن الإصابات البشرية التي لحقت بالبعض من وفيات وجروح يجب أن تذكرنا بأن الإنسان مكرم، من حقه أن يتعامل مع معطيات خطط التنمية وهو يشعر بالسلامة من مخاطرها، وليس صحيحاً أن لكل شيء ضريبة.
أن مكارم أخلاق الإنسان السعودي مميزة، وتتجلى في مختلف الظروف، فقد هبً الجميع حاكمين ومحكومين لنجدة المتضررين كل وفق إمكانياته.
أن ثقافة التعامل مع الكوارث من الموضوعات التي يجب تعريف الشباب بها من خلال المناهج الدراسية والدورات التدريبية؛ ليواجهوا الكوارث على اختلافها باقتدار.
أن لا ننتظر حدوث الكوارث، ثم نندم على ما حدث، فالواجب أن تتم المراجعة الشاملة للبنى التحتية بصورة دورية، كل في مجاله العملي.
أن يستشعر الإنسان السعودي وغير السعودي المسئولية الملقاة على عاتقه تجاه معطيات خطط التنمية؛ لأنها وجدت لأجله، فيحافظ عليها ليستخدمها ومن بعده وهي بحالة جيدة، وأن يبلغ عن أشكال الضرر فيها؛ لتتم معالجته أولاً بأول.
أن المملكة العربية السعودية بلاد غالية علينا مهما تعرضت لكوارث مختلفة، لن ندخر عنها إلا السوء ولو كان ضعيفاً أو قليلاً. فقد أحببناها في صغرنا وتعاظم هذا الشعور في كبرنا، وأحببناها في مسراتها وتعاظم هذا الشعور في أحزانها وويلاتها، وأحببناها ونحن على أرضها وتعاظم هذا الشعور ونحن خارجها، فأنتِ لستِ الأم التي تمنح الدفء لصغارها، ولستِ الأب الذي يمنح العزة لأبنائه، أنتِ مزيج من هذا وذاك.
أستاذ مشارك - كلية المعلمين - جامعة الملك سعود