الجزيرة - عبدالله البراك
علق اقتصاديون على خطة الانقاذ الاوروبية بأن فرص نجاحها جيدة اذا التزمت الدول الاوروبية بإجراء الاصلاحات والعودة إلى معايير التقارب الاقتصادي، وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود الدكتور زايد الحصان: حسب معايير الدين كل الدول خالفت الأول منه وهو حجم الديون المجمعة ماعدا اسبانيا ويتضح من تعامل الدول مع هذه المعايير بأنها غير إلزامية والحكومات الأوروبية خاصة الأحزاب الاشتراكية التي توالت على السلطة ركزت على رفاهية شعوبهم في الوقت الآني دون النظر إلى مصالح الأجيال القادمة كما حدث في اليونان على سبيل المثال، أما اسبانيا فمشكلتها الحقيقية هي العجز الحكومي، واوضح الدكتور زايد: من أكثر المؤشرات سلبية هي عدم الالتزام بالمعايير المتفق عليها دون وجود أي إنذارات شديدة اللهجة أو عقوبات رادعة لمن لا يلتزم بهذه المعايير ولو أن العالم لم يتنبه لهذه المشكلة لرأينا العديد من الدول الأوروبية تتجه لنفس المشكلة وورطة الديون، أما لماذا وصلت هذه الدول إلى هذه النسب ففي اعتقادي أن الأزمة المالية العالمية زادت نسب الدين في هذه الدول ومخالفة المعايير كانت بنسب بسيطة، ولكن مع الأزمة العالمية استمر التجاوز وتفاقمت المشكلة أكثر وأكثر، والسبب في ذلك أن السياسي في تلك الدول أساء استخدام الأدوات الاقتصادية لتحقيق مكاسب سياسية، ولذلك يجب على البنك الاوروبي أن يوقف جميع هذه التساهلات وأن يلزم جميع الدول بالمعايير والا فإن أسواق العملات ستعاقب اليورو لذلك فلابد من اتخاذ موقف من قبل الدول الأوربية تجاه هذه التجاوزات.
وأضاف الحصان: لابد لهذه المعايير أن تكون الزامية ويجب على الدول الاوروبية أن تفكر في مستقبل الأجيال القادمة وتترك ترفيهها لشعوبها في الوقت الحالي، وفيما إذا كانت هذه الأزمة تعد هي المحطة الاخيرة لليورو، قال الدكتور الحصان: لا أعتقد أن الدول الاوروبية ستدافع عنه بالإضافة إلى مجموعة السبع التي لابد أن تعالج بعض النقاط فالقضية أصبحت ظاهرة يجب اتخاذ موقف تجاهها فالحياة المرفهة لابد أن يعاد النظر تجاهها، خاصة وأن بعض الشعوب لن تقبل بأن تدفع فاتورة أخطاء سياسية لدول اخرى وخير مثال التساؤل الذي طرحة الوزير الالماني عندما قال: لماذا ندفع فاتورة الرفاهية التي عاشها الشعب اليوناني. وحول ما إذا كان معالجة الأزمة الأوروبية يكمن في تقليص الانفاق الحكومي وزيادة الضرائب أشار الدكتور الحصان إلى أنه بالاضافة إلى هذه الادوات لابد أن نضيف القضاء على الفساد الاداري في تلك الدول. وأعتقد أن صندوق النقد الدولي هو من سيقود الاصلاحات خاصة وانه سيشترط تطبيق مزيد من الاصلاحات مع كل قسط من المساعدات فالمساعدات مشروطة بإصلاح النظام السياسي والاقتصادي، وكون ارتفاع المديونيات سيؤثر على اليورو كاقتصاد، وبالتالي كعملة قال الدكتور الحصان: بالنسبة للاقتصاد الأوروبي أعتقد أنه سيتاثر، ولكن ليس بتلك السلبية التي استقبلت بها الأزمة اليونانية، خاصة واننا تابعنا ترحيب الاسواق بالاخبار الايجابية بالاضافة إلى تصريح رئيس الوزراء اليوناني الذي قال فيه إنه سيقوم بثورة صغيرة وانه لن يرتاح حتى يقدم الفاسدين إلى القضاء لتتم محاكمتهم، وأنه لن يرتاح حتى يرى أن معدلات هجرة اليونانيين في تناقص، وذكر أن المساعدات الآن مشروطة بإجراءات اصلاحية، وزاد الحصان: أما على صعيد العملة فلا أعتقد أنها ستتأثر ولن تقبل بأي تخفيض لها خاصة وأن أوروبا عندما تتعامل مع العالم لا تتعامل مع اقتصاد موجود ولكنها تنظر إلى نفسها بأنها هي من يوجه اقتصاد العالم، وعن تأثير سياسات الترشيد التي تنتهجها الدول الأوربية على منتجي النفط والمواد البتروكيماوية، يرى الدكتور الحصان محدودية التأثير، إلا إذا حدث تخفيض للأجور فمن المحتمل أن يرفع سعر المنتجات الأوربية، واذا ما تم ذلك فهذا سيؤدي إلى ركود اقتصادي، وبالتالي ستؤثر على الطلب العالمي، وأبان: أن ذلك سيكون له اثره السلبي فالانتعاش الاقتصادي العالمي سيكون ابطأ لأن أوروبا ستنشغل بنفسها على الاقل لمدة سنتين قادمتين.
وكون خطة الانقاذ الأوروبية ستحتوي أي تعثر للدول الأوربية قال: الأوربيون رصدوا مايقارب تريليون دولار، وصحيح انها غير كافية ولكنها مشروطة بإجراء الاصلاحات؛ فالمسألة الآن هي: كيف ستوجه خطة الانقاذ والواقع أن الشروط المبدئية والتي تهتم بإجراء تخفيض معين للانفاق الحكومي وزيادة الضرائب بمختلف أنواعها شروط مقبولة مبدئياً، من جانبه قال الخبير المصرفي محمد حمودة إن الدول الأوربية عندما اتفقت على إطلاق عملة موحدة وهي اليورو فقدت سلطتها على سياستها النقدية ولم يبق بيدها إلا السياسة المالية، ومن ثم حدثت اضطرابات واختلافات بين السياستين، ولذلك اتجه المشرعون في التسعينيات إلى وضع معايير في تلك الفترة كانت سهلة ومناسبة، ولكن مع مرور الوقت وخاصة في الوقت الراهن أصبح من الصعب على الدول الالتزام بهذه المعايير، فالمتابع يرى أن نسبة 3% وهي معيار العجز الحكومي قد تجاوزته أغلب الدول باستثناء المانيا، أما فيما يخص الديون المجمعة فالواقع أن أغلب الدول تجاوزت النسبة المحددة، وأضاف: إن الدلائل الآن تشير إلى مسار آخر وخطة الانقاذ الأوروبية ليست إلا إسعافات أولية ولكن العلاج يكتمل عندما تسدد الدول التي تحصل على مساعدات ديونها كاملة وتعود الأمور إلى نصابها.
وبسؤاله عن كون هذه الازمة هي المحطة الاخيرة لليورو قال حمودة: لا يمكن القول إن هذه الأزمة هي محطة اليورو الاخيرة فهذا قرار سيادي ولا اعتقد أن ألمانيا وفرنسا مستعدتين للتخلي عن هذه العملة خاصة، وإن العملة الموحدة جلبت لهاتين الدولتين العديد من المنافع وأتوقع أن معالجة الأزمة الأوربية قد تمتد لخمس سنوات قادمة، وفيما يخص معالجة الازمة قال حمودة: ان تقليص الانفاق الحكومي وزيادة الضرائب بالرغم من قسوته على المد ى القصير فاعتقد هذا هو الحل الوحيد امام الدول الأوروبية لأن فوائده للمدى الطويل قد تعيد للإقتصاد الأوروبي قوته، مشيراً إلى ان فرص نجاح خطة الانقاذ الأوربية جيدة ولكن امامها عقبات كبيرة اهمها اليورو الذي أصبح الان عبء اضافي على دول الاتحاد الاوربي ، مضيفا أن المشاكل لن تكون أسوأ ولكن السؤال كم سيطول الأمر وقال: اعتقد أن صندوق النقد قادر على احتواء المشكلة بالرغم من ان حلوله ستكون قاسية لكن لا بد من اجراء الاصلاحات التي يطلبها الصندوق.