لا أحد يزايد في حب مدينة الرياض نحبها بكل تفاصيلها بأوديتها الجافة واليابسة وبأمطارها الضاربة بل ونعلن حبها على أسنة الرماح والأشهاد... الرياض كانت يوم الاثنين الماطر تحت حصار الرياح والعاصفة والمطر عاشت ذهول الصدمة... المسؤولون بلا استثناء كانوا مصدومين لا أحد يستطيع أن يقرر سوى مباشرة الإنقاذ وعمل الطوارئ وأفضل القرارات السريعة جاءت من الدفاع المدني عندما أعلن الرياض تحت حالة الطوارئ، وقرار المسؤولين تعطيل الدراسة في التعليم العام والجامعي لحماية الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وفسح المجال أمام فرق الدفاع المدني وقطاع الخدمات إلى مباشرة المواقع وتقييم حالة الأضرار.
وحده أمين منطقة الرياض الأمير د. عبدالعزيز بن عياف عقد مؤتمراً صحفياً شكر فيه وسائل الإعلام على تغطياتها الإعلامية واطلاعها على حقيقة ما يحدث وإعلانه صراحة في المؤتمر الصحفي أن 70% من أحياء الرياض غير مغطاة ولا مشمولة بصرف السيول... إذا كان أمين منطقة الرياض شجاعاً وظهر للناس وعقد مؤتمراً صحفياً مباشراً مع الإعلاميين فأين بقية المسؤولين ليطمئنوا ويوضحوا للمواطن حقيقة الأمطار وما هي خططهم لحماية المدينة وسكانها وكذلك أين أعلى الهرم الإداري في: وزارة البلديات، والدفاع المدني، والمرور، والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ووزارة الصحة، ووزارة المياه والكهرباء، ووزارة الشؤون الاجتماعية وهيئة الأرصاد.
بلا شك أنها صدمة أذهلت الجميع من القيادات الإدارية والفنية والمواطنين والصدمة لم تأتِ من المطر فقط أنما من انسداد فتحات مجاري صرف السيول التي عطلت الأنفاق وأدت إلى محاصرة العديد من الأحياء... والصدمة الكبرى أن هذه المدينة القوية والحضارية بناسها ومبانيها الحديثة وشوارعها المحورية الواسعة تغرق وتقفل طرقها الرئيسة هذه هي الصدمة الحقيقية والصدمة الأخرى هي صمت المسؤولين في ذروة وسويعات العاصفة المطرية حيث أوكل الأمر للمراسلين الإعلاميين يصفون الحدث مع تحذيرات الدفاع المدني (العامة) في الوقت الذي نود أن نعرف ماذا يجري بالرياض خاصة أن هيئة الأرصاد الجوية اكتفت بالقول إننا أطلقنا تحذيراتنا على موقعنا الإلكتروني وأبلغنا بعض الجهات.. غير أن هناك من هم أهم بالإبلاغ: الناس، طلاب المدارس، عابرو الطرق لماذا لا تأتي تحذيرات هيئة الأرصاد مباشرة للمواطنين والمقيمين عبر نشرات الأخبار ونشرات الأحوال الجوية في محطات التلفزيون الرسمية والإذاعة والصحف ورسائل تحذيرية تلفزيونية بين البرامج كما تعمل معظم تلفزيونات العالم بدلاً من المخاطبات الرسمية إشارة إلى خطابنا رقم وتاريخ وتقسيم... الأمر لا يتعلق فقط في مشروع صرف السيول فهناك قضايا أخرى تأخذ نفس الأهمية: احترام مجاري الأودية وروافدها احترام مساراتها وعدم التعدي عليها. فليس كل مساحة أرض صالحة للسكان وتحويلها إلى مخططات أراضي مثل الخباري والسباخات ورياض نهايات الأودية والجبال شديدة المنحدرات وهضاب تقسيم المياه. كذلك الإعداد البشري والتقني في أجهزة الدفاع المدني والمرور والصحة والشؤون الاجتماعية مع تقديرنا الكبير لجهود الدفاع المدني والمرور والصحة إلا أن الحاجة ملحة لإعادة بناء تلك الأجهزة وخاصة الدفاع المدني لمواجهة الأزمات القادمة وتنمية ميزانياته المالية ليكون لديه أجهزة تقنية عالية للرصد والتنبؤ والإنقاذ وتطوير كوادره البشرية. فالكوارث ليست دائماً بفعل المطر فالغبار والرياح أصبحت موسمية وباطن الأرض بالشريط الشمال الغربي بدأ يتحرك بالهزات والبراكين وبذلك يكون مشروع صرف السيول وسط المخاطر الكبير وأحداً من القضايا.