حين تطلق صافرات الإنذار أو يتم الإعلان عن سوء الأحوال الجوية تجد كل شعوب الدنيا تبحث عن المخابئ والملاجئ وترى الناس تهرول لتكون داخل بيوتها وتهبط إلى الأدوار السفلى لتتقي الخطر.
ماذا يحدث في السعودية وماذا يفعل الناس هنا في مثل هذه الحالة؟
في أوائل التسعينات وأثناء إطلاق صافرات الإنذار في المدن السعودية لاتقاء صواريخ باتريوت الشهيرة !,كان كثير من السعوديين يكملون تسوقهم وزياراتهم، بل إن بعضهم كان (يطمر) للسطح لمراقبة صاروخ باتريوت وهو يهبط حوله؟؟!!!!!
في بردية (تمير) الأخيرة وبردية (القصيم) الشديدة والبرق والصواعق كان الشباب السعودي يمارس هوايات غريبة؛ إذ يجمع بعضهم كرات الثلج الكبيرة التي واحدتها بحجم ثمرة التفاح، بينما يتفرغ البعض لالتقاط الصور التذكارية عبر هواتفهم النقالة لزجاج سياراتهم المحطم تحت ضربات البرد واشتعالات البرق الشديدة وفي مهابط الأودية ويدونون عبارات على سياراتهم الصحراوية (جيوبهم) التي يطلقون عليها أسماء قوية وصنديدة ومعبرة عن ولعهم الصحراوي مثل كحيلان والقاهر وغيرها يتحدون فيها الأخطار؟؟..
السؤال عن هذه السيكيولوجية السعودية الخاصة التي تظهر عند البعض أكثر من غيرهم، تلك التي حيرت الأمريكان أثناء غزو العراق إذ تحدث قائدهم شوارسكوف عن هذا التعامل الغريب مع الخطر عند الشعب السعودي.
هل مرد هذا الطمأنينة إلى القضاء والقدر والاتكال دون أخذ الأسباب؟
ألا يعد هذا تفريطاً واستهانة بقيمة الروح والحياة التي أؤتمن عليها الإنسان من خالقه؟؟
أم هي ممارسات ناتجة عن قلة الخبرة في التعامل مع الخطر بتنوعاته وتعدديته؟ هل هذه الثقافة التي يغلب عليها اللا مبالاة بالخطر هي التي تحمل أمناء المدن السعودية على ألا يعيروا الكوارث اهتمامهم وهم يخططون وينفقون اعتمادات أمانات مدنهم المالية؟
لقد سمعنا البعض يبرر أن المطر لا يأتي إلينا إلا كل خمس عشرة سنة وليس من الحصافة أن تعتمد مليارات تحوطاً لأمر قد يحل وقد لا يحل وفي فترات متباعدة جداً؟؟
الغريب أن السعوديين لا يسألون حين يشترون أرضاً أو ينشئون بيتاً هل هذا الحي وهذه الطرقات حوله تخضع لتصريف السيول، إذ لو زهد الناس بالمخططات التي تقع في جهات لم تكتمل فيها البنية التحتية لكفاهم في ذلك ملاك هذه المخططات الذين سيسعون لاستكمال الناقص فيها حتى يضمنوا الإقبال عليها؟ لكن هل اللامبالاة هي من تجعل الناس يشترون ويبنون في مهابط الأودية؟
تألمنا لما حدث في جدة ورحم الله ورفق بأهل الرياض وبعد سنة سننسى (سنة الغرقة) وسنصف في المساجد نستسقي المطر ونحن لم ننجز بعد مشروع تصريف السيول لأننا بلد صحراوي رماله تبلع (المواتر) فكيف بمكعبات مطر قليلة؟؟!!.