كلما احتاج الأمريكيون إلى العرب طرحوا عرضاً أكثر إغراءً لحل القضية الفلسطينية؛ فيتفاعل العرب مع العرض الأمريكي، ويقدمون ما هو مطلوب منهم أو أكثر.
الآن الجميع يعرف أن الأمريكيين يحتاجون إلى الدعم العربي لمواجهة تعنت النظام الإيراني واستفزازيته فيما يخص الملف النووي، وأن هناك استعدادات وتفاهمات مع الكيان الإسرائيلي لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، أو حتى شنّ حرب صاروخية وجوية لتدمير المنشآت النووية.
هذه المعلومات لم تعد أسراراً؛ بل هي معروفة للجميع؛ ولذلك فقد نشط الأمريكيون وأعادوا النشاط لمبعوث الرئيس الأمريكي لسلام الشرق الأوسط السناتور جورج ميشيل، الذي وصل المنطقة والتقى الرئيس الفلسطيني ورئيس الحكومة الإسرائيلية، وقد سبقه قرار لوزراء الخارجية العرب بإعطاء الموافقة على استئناف المفاوضات غير المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
الضوء الأخضر العربي لاستئناف المفاوضات غير المباشرة جاء بعد ورود معلومات غير مؤكدة تكشف أن الإدارة الأمريكية قد أبرمت اتفاقاً (غير معلن) مع حكومة نتنياهو بوقف الاستيطان، وبالذات في مدينة القدس، على الأقل أثناء سير المفاوضات غير المباشرة، وقد عملت (الآلة الأمريكية الإعلامية) على نشر هذه المعلومة حتى اقتنع الجميع بأن الاستيطان سيوقف في القدس، والذي عزز ذلك (الضوء الأخضر العربي) ثم موافقة منظمة التحرير الفلسطينية، وكادت هذه المعلومة تصبح نافذة إلى أن سكب نتنياهو (دش بارد) على جهود الأمريكيين والعرب الساعين وراء سراب المفاوضات؛ إذ أعلن نتنياهو شخصياً أن القدس العاصمة الأبدية لإسرائيل وخارج إطار التفاوض، وقد أكدت الأمانة العامة لمجلس الوزراء الإسرائيلي هذا القول بإعلان أن حكومة نتنياهو ستبني منازل أكثر لليهود في المناطق المحتلة في القدس الشرقية وحولها، وقال الأمين العام للحكومة الإسرائيلية زفي هاوزر إن البناء في القدس يسير وفقاً لوتيرته المعتادة في مناطق القدس التي احتلت عام 1967م.
هذا القول المكرر يؤكد أن الإسرائيليين غير ملزمين بما يقوله الأمريكيون الذين عليهم دفع (فواتير) تأييد العرب لهم أو تركهم يعملون على انتزاع حقوقهم التي سلبها الإسرائيليون بأساليبهم الأخرى.
jaser@al-jazirah.com.sa