رسالة خادم الحرمين الشريفين إلى هيئة كبار علماء المملكة قبل أيام حول الفتوى التي جرمت وحرمت الإرهاب، وحرمت تمويله، أو تشجيعه، أو السكوت عنه، تأكيد واضح على أن الصراع بين قوى الخير وقوى الشر لا مكان فيه للمحايدين، ولا مجال للمترددين في إدانته. فهي حرب شاملة ضد قوى التخلف والظلام، ولكل من باع ضميره ؛ من أجل تنفيذ مخططاته الدنيئة، واعتدائه على الاستقرار والأمن والنظام العام، وإلحاق الأذى والضرر بالوطن والمواطن.كبار العلماء - الموقرون - لدينا، هم ضمير الأمة وبوصلتها، وصدور فتوى تجريم وتحريم الإرهاب، بما في ذلك تمويله، خطوة بالغة الأهمية والتقدير. وهي وإن أتت بعد عقد من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إلا أنها تندرج في سياق متصل مع قرارات الهيئة لبيانات سابقة ومتعددة، صدرت في عهد - سماحة الشيخ - عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - منذ عام «1409 هـ»، كلها تندد بخطورة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره. وهي خطوة إلى الأمام، تحسب في الحقيقة لرؤية - خادم الحرمين الشريفين -، الذي اتسم عهده بالإصلاح الحقيقي، المنطلق من الشفافية والوضوح والصراحة والحزم. والعزم على تحقيق الوسطية والاعتدال، التي أقام عليها الشارع الحكيم دينه. إضافة إلى تحسين صورة الدين والمتدينين أمام العالم، دون أن نقبع في أتون الفكر السكوني النمطي.اللافت في بيان الهيئة الشرعي عند تدقيق النظر فيه، وهو بيان غير مسبوق فيما يتعلق بتجريم الإرهاب وتمويله، نجد أن مفردة: «تمويل الإرهاب، أو الشروع فيه»، يشمل التمويل بكافة أشكاله وصوره، سواء كان هذا التمويل فكريا، أو ماليا، أو بشريا. وهو عادة ما يكون وراءه أياد خفية، وتمويل وتحريض خارجي.
هذه الصورة المتكاملة بين أجهزة الدولة ومؤسساتها، تسعى إلى إظهار الإسلام بصورته الوسطية والمعتدلة، دون إفراط أو تفريط. وتعمل في توافق متناغم، لكبح جماح التطرف والتشدد الديني. فالإرهاب حالة مرضية تلامس اللامعقول، لا يمكن مواجهته إلا عن طريق الفتوى والفكر.
drsasq@gmail.com