عندما يُواجَه مسؤولٌ حكومي بسؤال عن تقصير جهازه في شأن من الشؤون الخدماتية يقذف بالكرة في ملعب (وزارة المالية). غير أن وقت وزير المالية يبدو أنه مزدحم، أو أن هناك ما هو أهم من (التواصل) مع المواطنين من خلال وسائل الإعلام، كما لا يفوتكم - أيضاً - أن خبراء الإعلام والعلاقات العامة (المختصين) ربما نصحوه بألا يتعجل بالتواصل مع الإعلام، ويجيب عن الأسئلة المطروحة من المواطنين؛ لأن ذلك قد يُظهره أمام الصحفيين والقراء والجهلة و(نحوهم) بأنه يخشى غضب (العامة)، وهذا قد يكون له آثارٌ سلبية على (هيبة) الوزير وقيمته الاجتماعية وسلطته وسطوته على مرؤوسيه؛ فيتجرأ عليه كل من هبّ ودبّ، وما لا يدبّ، بأسئلة لا يليق بمثله ومن في مقامه أن يُسألَ عنها؛ ومن الحصافة - كما هو لسان حال بعض وزرائنا - الكتمان، والبُعد عن (الشفافية) البغيضة، أعاذنا الله وإياكم منها، ومن تبعاتها!
الرياض، وقبلها جدة، كادتا أن يلفهما طوفان المطر، وتُصبحا أثراً بعد عين، وأن تتحول مبانيهما، وطرقهما، وكل ما استثمره أهلهما فيهما، إلى مدينتين كانتا ثم تلاشتا.
سمو أمين بلدية الرياض صرّح بعد اليوم المطير وأشار إلى أن السبب وزارة المالية؛ فهي التي أعاقت مشاريع تطوير البنية التحتية في الرياض، بالرغم من أن الأمانة طالبت، ولا تزال، باعتماد ميزانية لتصريف السيول مثلاً، ولم تجد أذناً صاغية لدى وزارة المالية. وأضاف: «إن ما اعتُمد من وزارة المالية لمشاريع تصريف السيول في مدينة الرياض في السنوات الأخيرة لم يكن (كافياً) قياساً بحجم مدينة الرياض ووتيرة نموها السكاني والعمراني المتسارعة. وإن هناك (قصوراً) في شبكات تصريف السيول في الأحياء والطرق أسفر عنها تعطل حركة المرور واستنفار الدفاع المدني». وقال أيضاً: «إن الأمطار لو زادت كمياتها أكثر من ذلك، وطالت مدتها، ولو تكررت في أيام متتالية، لا شك في أنها ستسبب (كوارث) أكثر لعدم وجود شبكات تصريف السيول»، مطالباً بسرعة الاعتمادات المالية أو سرعة تنفيذ مشاريع فورية لشبكات السيول والقنوات الرئيسية. غير أن وزارة المالية فضلت الصمت والتطنيش!
يقولون إن الوزير في المملكة هو أكثر الوزراء في العالم صلاحيات. وأضيف: وهو أقل الوزراء في العالم مساءلة؛ فرغم أن كثيراً من علامات الاستفهام تدور في أذهان الناس إلا أن الوزير في الغالب لا يهمه، أو أنه ليس مُجبراً على التواصل مع المواطنين. ولكي لا يرفض المقال رئيس تحريرنا أبو بشار، أقول: إلا من رحم ربك، وتفضل مشكوراً، و(معها حِبّة خشم بعد) بالالتفات إلينا نحن المواطنين، ومنحنا من وقته الثمين دقائق (معدودات) ليدلي بتصريحٍ يُشفي به تساؤلات قوم مؤمنين.
وأنا هنا أنتهز هذه المناسبة لأرفع إلى مقام والدنا، وقائد مسيرتنا، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز طالباً منه - حفظه الله - أن يجد (لتطنيش) الوزراء، ولا مُبالاتهم بأسئلة المواطنين واستفساراتهم، حلاً. لو كان هذا الوزير أو ذاك قاعداً في بيته، أو في (شركته)، يرعى مصالحه واستثماراته الخاصة، لما سأله أحد، ولما حمّله المسؤولية آخر، أما وقد تسنّمَ سنام المسؤولية (العامة) فهو مُجبر على التواصل معنا، والإجابة عن أسئلتنا؛ فهذا جزء رئيس من واجباته بوصفه وزيراً، وعندما يصرُّ على ألا يتجاوب مع المواطنين، ولا يُعير أسئلتهم أي اهتمام، فيجب أن يُحاسب.
إلى اللقاء.