هل تعجبت عزيزي القارئ وأنت تقرأ أرقام أرصدة الأثرياء المدرجين في قائمة أغنى أغنياء العالم؟؟ وهل تساءلت يوماً كيف ينفق هؤلاء ثرواتهم الطائلة وعلى ماذا يصرفونها؟! بالنسبة لي: نعم.
اكتشفت أن الأثرياء رغم تشابه أرقام أرصدتهم ورغم أنهم يحملون ذات اللقب (ملياردير), إلا أنهم يختلفون أحياناً في طريقة الإنفاق والصرف وتوزيع الأموال. فهناك من الأغنياء من يعيش حياة متواضعة وبسيطة خالية من مظاهر التخمة والترف مثل: القصور والسيارات السريعة الفارهة والمجوهرات والساعات الثمينة وفراء الحيوانات النادرة والسيجار الكوبي العتيق والملابس الأنيقة الموقعة باسم أشهر الماركات العالمية.
حيث إنهم يكتفون بالفتات برغم ما لديهم من أموال وثروات يحلم بها الكثيرون ويغالون بالتوفير والاقتصاد والبساطة.
فستتعجب عزيزي القارئ حين تقرأ في السطور القادمة من المقال عن أثرياء اختاروا أن يعيشوا حياة موظف بسيط ومكافح لا يتجاوز راتبه الخمسة آلاف ريال!.
فوارين بوفيت الذي يصنف في قائمة العشرة الأكثر ثراء في العالم, صاحب ثروة تتجاوز الـ 55 بليون دولار, يعيش في منزل صغير ومتواضع اشتراه منذ 50 عاماً بمبلغ 31 دولارا أمريكيا فقط, يتكون من خمس غرف نوم, ويركب سيارة مهترئة أنهكتها السنين وطول المسافات, ويفضل الهامبرغر والبطاطس المقلية على الكافيار والسوشي.
كما أن البليونير الهندي (عظيم بريمجي) استبدل نوع سيارته «الفورد» «بتويوتا كورلا», وقدم طعام عشاء حفل زفاف ابنه في صحون ورقية بحثاً عن التوفير وعدم الإسراف!.
والآن دعونا نتحدث عن النقيض والضد حيث المتعة والرفاهية المطلقة ومظاهر ترف وبذخ الأثرياء.
منذ فترة ليست بالبعيدة شاهدت برنامجاً تلفزيونياً يعرض جانباً مترفاً من حياة رجل الأعمال البريطاني الشهير (ريتشارد برانسون) صاحب إمبراطورية (فيرجن غروب) وهو الثري الذي يحتل المرتبة 245 في قائمة أثرياء العالم حسب مجلة (فوربس).
تم تصوير الحلقة في جزيرته الخاصة القابعة في البحر الكاريبي حيث الطبيعة الخلابة والشواطئ الهادئة، تحديداً داخل منزله الساحر الذي صمم بطريقة فريدة تنسجم مع طبيعة المكان حيث لا جدران تمنع الهواء النقي من الدخول لغرفة النوم أو استراحة الجلوس.
كثير من أثرياء العرب أيضاً هم من عشاق الرفاهية.. فأحد أثرى رجال الأعمال العرب اشترى مؤخراً طائرة فاخرة تدعى (القصر الجوي), تتكون من طابقين وأثاث يتناغم مع روعة التصميم وفخامة المكان بالإضافة إلى مسبح ووسائل متعة وترفيه أخرى داخل الطائرة.
كما أن أحد أثرياء الهند كان لا يستيقظ إلا على أنغام موسيقى تعزف حية في غرفة نومه وبعد ذلك يقدم له الفطور الشهي من أفخر الأطباق وأشهى المأكولات وأقربها إلى نفسه.
نجمات هوليوود لهم أيضاً حصة من الترف والبذخ حيث تصرف بعض النجمات قبل حفل الأوسكار مثلاً ما يقارب المليون دولار على جلسات التدليك بالألماس والتي تصنف بأنها أغلى وسائل العناية بالبشرة والجمال على الإطلاق.
وبالطبع، لا يحلو أي حديث عن الرفاهية دون ذكر أسطورة العقارات دونالد ترامب. فشقته في برج ترامب في مانهاتن في نيويورك هي بمثابة نصب تذكاري للرخام والذهب, وعلى الرغم من التفاصيل المكلفة، يقول ترامب إن أفضل ميزة لشقته هي موقعها الذي يسمح له بركوب المصعد والذهاب إلى مكاتبه الواقعة في ناطحة السحاب نفسها. وهذا هو الترف الحقيقي الذي يمكن أن يتمتع به أصحاب المليارات: منزل فاخر ورحلة هادئة وقصيرة جدا إلى المكتب في مدينة تختنق بالزحام والضوضاء.
بعض الأثرياء لا يكفيهم المال وحده بل إنهم يبحثون عن الشهرة والشعبية, فيشترونها حين يدفعون الملايين لدعم نادٍ رياضي شعبي أو الظهور في برنامج تلفزيوني شهير, أو إصدار كتاب يحكي مسيرة كفاحهم ليكسبوا إعجاب واحترام العامة, أما عندنا في الخليج فشراء القصائد ونسبها لموهبتهم المفاجئة أسهل وأقصر طريق للشهرة وحب الناس.
وإذا أردت عزيزي القارئ أن تعرف أسرار الأثرياء وصفاتهم المشتركة تابع مقالي الأسبوع القادم حيث أني سأشغل نفسي هذا الأسبوع بالبحث عن أسرارهم وقراءة سيرهم وما خلف أرصدتهم التي أعتقد أنها لم تكن وليدة الصدفة بل نتيجة طبيعية لعقول فذة لا تعرف الكسل أو المستحيل.
أخيرا.. إن المال والبنون زينة الحياة الدنيا لا جدال في ذلك, وحب المال والمتعة غريزة بشرية ولكن الاعتدال والتوازن منهج إلهي رائع دعا إليه الله تعالى في كتابه العظيم، فلا بذخ وتبذير وإسراف مفرط, ولا إمساك وبخل فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
نبض الضمير:
قال تعالى: (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا) .
***