ما زالت مسحة الحزن تسري في قلبي وتتسلل إلى مخدعي باعثة رعشة تشبه تيار الكهرباء، ذلك أن العين تتابع لحظات همود جسد الرياض المدينة المبلل بالمطر الكثيف، وعيوني تنتظر قراءة الأسطر لمجموعة المقالات والتحليلات التي تكتب، تدفعني الرغبة إلى اكتشاف فحوى النتيجة المبتغاة، واطلاعنا على الأسباب والمسببات مع نظرة يسكبها استغرابي لعينيَّ الزائغتين وهما تحاولان اقتناص كلمة أو بضع كلمات ترسمها لنا حكمة بالغة آتية، بضعة أيام عصيبة اختزلا الزمن ليتراسلا بالبوح اللهيف هما على موعد قد يجيء وقد لا يجيء. أبتعد البياض عنا عندما جاءنا الوحل وهاجمنا الطين وغدر بنا السيل وطفحنا حتى لكأنا قد متنا. المسألة التي أنا بصددها تتجاوز هذه الثيمة البائنة، ألا وهي برنامج تصريف السيول، هذا البرامج الحاد والفاصل والعتيق تعيده لنا سيناريوهات الأيام الماضية إلى تركيبته اللامحسوسة، إلى الهلامية الساخنة لوجوده، أنه ذلك الذي يشبه الصراط الدقيق الذي لا يمكن السير عليه إلا بعد أن يتشبع الجسد بالتوازن، والتوازن هو الذي يجنب الجسد الانزلاق، لأن أجسادنا الآن عرضة لكل مكونات هذا البرنامج اللين الكسيح الذي لم يحمنا والذي لم يكتمل بدره بعد رغم أعوامه المديدة والتليدة الماضية. أتذكر برنامج تصريف السيول وأتذكر عندها سلوك أمانة منطقة الرياض وطروحاتها وبرامج تشغيل مشروعاتها ومقاوليها. واليوم سأجهر بما أراه وبما أفكر فيه بطمأنينة وبأجواء حرة مع مسئولي أمانة منطقة الرياض، ولن أكيل لهم تهم التقصير والقصور، ولأن حقنا في الرياض المدينة أكثر من حق الأمانة نفسها التي صدرت لنا منذ القدم بيانات عديدة خدرتنا بها طويلاً ونحن ناصرناها وباركنا مساعيها وتبركنا بكلامها المعسول الذي يشبه الشهد حتى جاء الأجل المحتوم وانكشف المستور وتحدثت الأرض بأسرارها يوم زلزلها المطر وأخرج أثقالها، وقال سكان الرياض مالها، ليتبين لنا أن الذي حدث في مدينة الرياض كانت خسائره المادية والمعنوية الطائلة لا مبرر ولا عذر له البتة. أن لدي سؤالاً واحداً يختزل كل ما قلت وما سأقول لكنه عميق وكبير، أين هو مشروع تصريف السيول الحقيقي الجبار الذي أرهقتنا آلات الشركات المقاولة الكبيرة والصغيرة منها حفراً ودهلاً منذ زمن طويل وممل؟ هل المطر النازل مدة عشرين دقيقة فقط أخفى وجوده؟ يا أمانة مدينة الرياض هل لي من جواب؟ إني بانتظاره ومعي خمسة ملايين نسمة ما زالوا مصابين بالدهشة.
ramadanalanezi@hotmail.com