كشفت سيول الاثنين الماضي (3) مايو أن هناك تنافساً وتشاحناً بين جهات ثلاث هي: أمانة منطقة الرياض، والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ووزارة النقل، وأن حدة التنافس والصراع الخفي ظهرت مساء الاثنين عندما تحدث أكثر من مسؤول لوسائل الإعلام عن خلل وأسباب الكارثة التي تركّزت في الأنفاق، وبدأ كل مهندس يرمي المسؤولية على الجهة المنافسة لتصبح الرياض ساحة صراع بين ثلاث جهات تنفذ نفس المهمة.... المواطن لا تعنيه تلك التنافسات وليس مطلوباً منه (أي المواطن) أن يعرف هذا النفق من نفذه الأمانة أو الهيئة أو النقل حتى لو تم تمييز كل نفق بلون مستقل ليحدد تبعيته. ومنذ حادثة مخرج (13) الشهيرة التي مرَّ عليها عقد من الزمن ما زلنا نوجد أنفاقاً بلا بنية تحتية لتصريف السيول لتتحول إلى مصائد مائية أو برك كبيرة أو أحواض واسعة تهدد حياة الناس بالخطر والموت وتدمير الممتلكات...الصراع الهندسي بين الجهات لا بد أن يتوقف وتتوحّد هندسة الرياض تحت إدارة واحدة ليتم تحديد المسؤولية والمحاسبة والمتابعة، فالمجتمع لا يتحمّل أسلوب تراشق الاتهامات أو تبادل العتاب أو حتى الإيماءات المبطّنة بين كل مسؤول وآخر...هناك حقيقة لا بد أن تتنبه لها الإدارة الهندسية والفنية والتخطيطية في مدينة الرياض وهي وجود شوارع محورية وأخرى متعامدة عليها تحولت إلى أحوض تصريف للمياه من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب وهنا لا بد أن يعاد النظر في التخطيط الهندسي والعمراني للطرق والأحياء السكانية فإذا كان الميل الطبوغرافي غرباً باتجاه وادي حنيفة بروافده ومجاريه لماذا لا تبنى المخططات وهندسة المدينة باتجاه حوض وادي حنيفة لأن الملاحظ أن الطرق المحورية والمتعامدة والسريعة أصبحت أحواضاً استوعبت مياه الأمطار، ولولا لطف الله وتحوّل الأنفاق إلى برك لحدث لا سمح الله مكروه كارثي للسكان والمساكن عبر مداهمتها للأحياء السكنية؛ لأن الطرق الرئيسة مثل الدائري الشرقي والشمالي وطريق الملك عبد الله، وطريق الملك فهد، وعثمان بن عفان، وأبو بكر الصديق، والإمام سعود بن عبد العزيز وامتدادات تلك الطرق شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً تحولت إلى مجاري أودية ومصارف للمياه المنقولة من مرتفعات الأحياء السكنية في هضاب أحياء: التعاون والنزهة والمغرزات والمرسلات والازدهار والواحة وصلاح الدين والعقيق وحطين والصحافة والياسمين والغدير والنفل والوادي والربيع وهي هضاب طبيعية ومناطق تقسيم مياه جعلت تلك الطرق مساراً لمياهها...
غياب مشاريع تصريف مياه السيول وتعديات المخططات على مجاري الأودية والتباطؤ في تنفيذ المشروعات وغياب المحاسبية الإدارية وعدم وجود إدارة مشاريع موحّدة تكون مسؤولة عن كوارث الرياض.. غياب هذه الأساسيات سيبقي المشكلة على حالها وستزداد كارثيتها، لذا لا بد من الحزم والجدية في معالجة مشكلات الرياض فلا يمكن أن تبقى الرياض إلى الأبد تحت رحمه المقاولين وتجاذبات المهندسين وتباطؤ الإدارات الجامدة ليدفع المواطن فاتورة غالية ثمنها الفزع والخوف من حبات المطر وهبات الريح.