الجزيرة - وهيب الوهيبي:
أكد وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى أن من يُحَال من كتاب العدل للقضاء سيكون بين يدي العدالة، وهي مطلب الجميع، مشيراً إلى أن المتهم لا يؤاخذ بالتهمة، وتلحقه الملامة، حتى تثبت إدانته، وإن تم إيقافه بأمر صاحب الصلاحية؛ فالإيقاف - عند الاقتضاء - إجراء تحفظي تتطلبه مصلحة التحقيق، بخاصة متى قامت القرائن وشواهد الحال بقوة التهمة، أو جسامتها، أو مساسها بالصالح العام، ومع أن الإيقاف محكوم بترتيبات نظامية إلا أن للمختص هامشاً من السلطة التقديرية تمنحه المرونة في اتخاذ إجراءات احترازية وتحفظية تنطلق من مسلمات العدالة، ولا تجافيها.
وأشار الوزير في تصريح خص به (الجزيرة) أن من لوحظ عليه من كتاب العدل هم قلة قليلة لا تكاد تذكر مقارنة ببقيتهم وهم كفاءات وطنية اضطلعت بدورها التوثيقي على أكمل وجه، فعملنا التوثيقي ليس مطمئناً فحسب، بل هو متميز في أدائه لافتاً إن كتاب عدل وزارته على مستوى عال من الكفاءة: (قوة وأمانة)، وفي عداد السواعد الوطنية المتميزة، والعمل البشري يعتريه القصور، والخطأ، والتعامل مع أي مأخذ سلبي تحكمه إجراءات شرعية ونظامية، موضحاً أن الأخطاء الجسيمة من قبل كتابات العدل نادرة، ولا تكاد تذكر، وأكثرها يمثل وجهة نظر كاتب العدل بحسن نية، وأن التدوير الذي تم لبعض كتاب العدل توخت الوزارة منه تبادل الخبرات، وتجديد الدماء، وتسديد مواطن الحاجة، وتحقيق رغبات بعضهم، وإيجاد معادلة متوازنة تعالج تفاوت مستويات الأداء الفني بين كتابات العدل.
ولم يُنكر الوزير بأن وزارته ارتأت نقل بعض كتاب العدل لأعمال إدارية لا علاقة لها بالعمل التوثيقي، وعلق على هذا بأن التدوير يعالج بعض الحالات التي تتطلب معالجتها بما يحقق مصلحة العمل.
وأضاف: وجدت لدى كتاب العدل وهم من يشترط في شغل وظيفتهم نفس شروط شغل الوظيفة القضائية، وجدت عوناً كبيراً على أداء مهمتي في إدارة مرفق التوثيق، ولدى ديوان الوزارة العديد من خبرائهم المندوبين.ولفت معاليه في معرض تصريحه بأن كتابات وكتاب العدل مشمولون بأحكام الباب السادس من نظام القضاء، وهو ما يدل على أهمية هذه الوظيفة لدى المنظم، مؤكداً على أن مسارها كان ولا يزال منتظماً، وأن الملحوظات التي تطرأ بين الحين والآخر لا تشكل ظاهرة ولا يجب تعميمها، على أن غالبها الأعم يمثل اجتهادات لبعض أصحاب الفضيلة كتاب العدل، ولا تتعمد المخالفة، بل تعتقد صحة ما انتهت إليه كما أسلفنا، وهو ما حدا بالوزارة بعد الملتقى الأول لرؤساء كتابات العدل إلى إصدار بعض التعاميم للحد من ازدواجية الإجراءات التي توسعت أحياناً في مفهوم السلطة التقديرية للموثق، حسبما اطلعنا عليه.
وقال: بأن استطلاع ما لدى كتاب العدل من آراء وتداول النقاش حولها يعتبر من الركائز المهمة في اتخاذ العديد من الخطوات الإجرائية؛ حيث أعطت الوزارة قاعدة معلومات موثقة، أفادت منها في معالجة بعض الحالات، محمولة في جميع أحوالها على ماينتظمها من قواعد شرعية ونظامية.
وتابع: بأن غالب ما ينشر عن صكوك كتابات العدل، وكتاب العدل، إما أنه لا صحة له، أو مبالغ فيه، وأن الوزارة تعقب على ذلك - عند الاقتضاء -، ولم ينكر الوزير وجود كثافة أعمال على كتابات العدل، لافتاً إلى أنها فاقت التوقعات والقدرة الاستيعابية للعمل اليومي، وأعاد ذلك لأسباب مفاجئة وخارجة عن الإرادة.
وقال: لنا أن نتصور أن بعض الإحالات لبعض كتابات العدل ناهزت الألف إحالة في يوم واحد، ونتصور في المقابل ما يلزم لكل إحالة من استيفاء العديد من الإجراءات ذات الأهمية البالغة، ومع هذا لم تقف الوزارة حيال ذلك مكتفية بالتبرير، بل عمدت إلى تعزيز كتابات العدل بالمزيد من أصحاب الفضيلة كتاب العدل، والمزيد من الموظفين المعينين حديثاً، وسيتم فتح فروع لبعض كتابات العدل الأولى في المدن الرئيسية، وستكون البداية من الرياض خلال الأيام القليلة القادمة إن شاء الله.
وأفصح الوزير عن أن وزارته تسعى جادة لتخصيص بعض أعمال كتابات العدل، وتنتظر في ذلك صدور نظام التوثيق، مشيراً إلى أن هذا المطلب يمثل هدفاً استراتيجياً للوزارة، كما أن تفعيل ثقافة التحكيم تمثل هدفاً استراتيجياً في الحد من تدفق القضايا لمحاكمها، ويسميه بعض الحقوقيين: (القضاء البديل).وأقر الوزير بأن لجان فحص الصكوك في بعض كتابات العدل كانت على حساب الوقت، لكنه أشار بأن هذه أمور لا تقبل التساهل مطلقاً، وأن الصكوك الصادرة عن كتابات العدل، هي وثائق شرعية لا بد أن تترجم مظلتها العدلية على أكمل وجه، ولن نخدع أنفسنا ونخدع طالبي الخدمة العدلية بإجراءات توثيقية عاجلة ومبتسرة، مشيراً إلى أن غالب هذه اللجان أنهت أعمالها مؤخراً، وثمَّن كلُّ منصف فكرتَها ومُبرراتها.
وعن استقالة بعض كتاب العدل على خلفية ما صدر منهم من تجاوزات أثبتت تورطهم في بعض صور الفساد، أجاب الوزيرُ بأنَّ الاستقالة لا تُعفي أحداً من المُساءلة، والمُحَاسبة عند ثبوت ما نُسب إليه، وإلا أصبحت ملاذاً لكل أحدٍ، يحتمي إليها، ويتدرع بها.