نحن في هذا البلد.. نهتم كثيراً بفضل الله بكتاب الله وبحفظته.. ونشجع الحفظة.
ولعل أكبر تشجيع لهم.. أن تتويجهم بعد الحفظ.. يتم بحضور ولاة الأمر حفظهم الله.. حيث يحضرون مشجعين وداعمين ويبذلون كل ما يملكون من أجل مساندة ودعم وتشجيع الحفظة.. في وقت نرى بلداناً أخرى تطارد الحفظة وتسجنهم وتتهمهم بالإرهاب والتشدد.
ونحن حفظتنا بفضل الله يجدون الدعم والتشجيع والتقدير والأولوية في أمور كثيرة.. بل إن المسجون لدينا.. يسقط عنه نصف مدة السجن كاملة - إذا كان حافظاً.. بل نشاهد أن دور الإصلاح قد تحوّلت إلى دور تحفيظ.. بل إننا.. نملك أكبر مطبعة في العالم لطباعة المصحف الشريف وتفسيره.. وُزِّع منها عشرات الملايين من النسخ على العالم الإسلامي كله.
وفي هذا البلد.. تُقام عدة مسابقات لتشجيع ودعم الحفظة..
هناك مسابقات عامة..
وهناك مسابقات يقوم بها عدد من القطاعات.
وهناك مسابقات في المدارس.
وهناك عشرات المسابقات التي يتنافس عليها مئات الحفظة.
فبلادنا بفضل الله تحتفي بكتاب الله وتهتم به.. ذلك أنه.. هو دستور هذا البلد.. وهو الحاكم لكل تصرف وكل شأن.. وهذا البلد.. قام على كتاب الله وسنَّة رسوله.. ولهذا نحن لا نستغرب هذا الاهتمام الكبير.. وهذه الحفاوة الكبيرة بمن يهتمون بالقرآن ويحفظونه..
وإذا ما تابعنا بعض هذه المسابقات القرآنية.. فإننا نخرج بعدة تصورات.
أن الجوائز المقدمة للحفظة ما زالت بسيطة وضعيفة ومتدنية... فهي مبالغ هزيلة للغاية.. ولا تناسب شاباً صرف كل وقته وجهده لحفظ كتاب الله.. وتُخرَّج حافظاً لكتاب الله في صدره.. ولا يليق بنا.. أن نقدّم مثل هذه الجوائز ذات القيمة المتدنية.
صحيح.. أن الحافظ لم يكن همه ولا هاجسه أبداً.. تلك الجائزة.. ولا هذا المبلغ.. بل له همة عالية.. ومطلب أسمى وأكبر.. وهو حفظ كتاب الله ونيل الأجر والثواب ولكن.. ليس هناك ما يمنع من أن نُشجع هؤلاء الحفظة بجوائز كبيرة.. ولا نضيِّق على مصادرها.. بل يُفتح المجال لكل من أراد الإسهام فيها.
لقد تحدث لي بعض التربويين وبعض الأساتذة وبعض أئمة المساجد وبعض طلبة العلم والدعاة وبعض المسئولين في جمعيات ومدارس التحفيظ.. مستغربين تدني قيمة هذه الجوائز بشكل لافت للنظر.. حيث إن بعضها ألف ريال وكأنه استخفاف بالجائزة أو بالحافظ.
ألف ريال في هذا الزمن.. ما قيمته؟ وماذا يُشكِّل للحافظ؟
ولك أن تتصوّر شاباً يذهب لاستلام ألف ريال كجائزة؟!
أو الفين أو ثلاثة؟
وهذا الحافظ.. يجلس سنة أو سنتين أمام كتاب الله لحفظه.. وجائزته في النهاية ألف ريال..أو حتى خمسة آلاف ريال.. وكأننا نستخف به وبجائزته؟!
* أخبار.. ولقاءات.. وتصاريح.. ودعوات.. ولجان.. وحفل خطابي و(عِشْيات.. وغِدْيات) وهناك من يقطع مسافات طويلة لحضور الحفل.. والجائزة.. ألف ريال؟!! وقيمة الجوائز كلها.. مائة ألف أو مائتا ألف ريال؟!!
* إن المطلوب.. هو أولاً.. إعادة النظر في هذه الجوائز.
ثم ثانياً.. فتح المجال أمام رجال الأعمال وكل من يرغب في الخير.. في تقديم جوائز كبرى للحفظة.. وفتح مجال المنافسة في الخير..
وهل هناك خير أفضل من المنافسة على كتاب الله.. حفظاً.. وتدبراً؟!