تحليل - وليد العبد الهادي
الوضع في أوروبا بات لا يسعد مواطنيها.. والمظاهرات في ألمانيا واليونان على أشدها.. لكن المشكلة لا تكمن في إنقاذ دولة.. بل دول أخرى مهددة.. والمستثمرون يتساءلون عن مصير العملة واحتياطات الاتحاد الأوروبي، أما النمو فلا يتجرأ أحد في الحديث عنه.. وفي مثل هذه الظروف تهجر أسواق المال التي عُرف عنها بأنها (لا تؤمن بالضباب).. أما الصين واليابان فهما الدولتان الأكثر ارتياحاً هذا الأسبوع.. بينما أمريكا مشغولة بمصائب قطاعها المصرفي التي لا تنتهي.. والنفط يستجيب للجو العام هابطاً، ولمزيد من التفصيل دعونا نأخذ جولة اقتصادية نستعرض خلالها أحداث هذا الأسبوع لنعرف ماذا يدور خلف أهم العملات الأجنبية في العالم:
الدولار الأمريكي
انفجار في أحد آبار النفط في خليج المكسيك مطلع الأسبوع أوصل خام نايمكس إلى قمته الأخيرة عند 87 دولاراً للبرميل.. وتراجع نمو الناتج المحلي الأمريكي للربع الأول مع ضغوطات الصين على التضخم.. بالإضافة إلى تهمة الاحتيال وتردي الحال في أوروبا أعطى انطباعاً بأن الطلب علي النفط سيقل.. لذا هبط بعنف نهاية الأسبوع إلى 79 دولاراً للبرميل.. وكسر آخر أول خطوط الاتجاه الصاعد، والمحصلة في ظروف مثل هذه تهرب السيولة إلى الدولار الذي سجل قمة جديدة عند 84.25 أمام سلة عملاته لم يصلها منذ 18 شهراً ويرجح تسلق العديد من القمم هذا الشهر (فعلاً هو عام الدولار).
سبعة بنوك صغيرة أعلنت عن إفلاس بقيمة أصول 25.8 مليار دولار وماستر كارد تنمو 42% لكن الأسواق لم تهتم بذلك، حتى الاستهلاك الشخصي لمارس ارتفع إلى 0.6% دليل نمو الاستهلاك في السلع والخدمات باستثناء الطلب المتعلق بالرهن العقاري.. وجاء مؤشر الإنفاق الاستهلاكي مرتفعاً 1.3% لنفس الشهر على المقياس السنوي ليؤكد رغبة المستهلكين في الشراء على هذه المنتجات الاستهلاكية، أيضا مبيعات المنازل لشهر مارس على المقياس السنوي مرتفعة بنسبة 35%.. وهي ترصد مبيعات آخر شهرين لكنها لم تجد اهتماماً من المستثمرين بسبب قضية المتهم (جولدمان ساكس).. لكن أبرز الأخبار الإيجابية جاءت من مؤشر ADP الذي أضاف 32 ألف وظيفة للقطاع الخاص مقارنة بخسارة 23 ألف وظيفة للقراءة السابقة، كل ذلك لم ينجح في فتح شهية المخاطرين ويبدو أن هناك قصصاً جديدة مغيّبة تتعلق بالأزمة المالية العالمية.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
كما كان متوقعاً تم تحطيم القاع الأخير وسجل بدلاً منه مستوى جديد عند 1.27 وهناك خط اتجاه فرعي صاعد ينتظر تعاملات المستثمرين لكنه منهك يقف عند 1.26 يرجح كسره والمخاطرة ما زالت عالية وحتى الآن الحركة لا تظهر عزوماً قوية للمشترين.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
لا يزال الزوج يتحرك في قناة هابطة بسبب ضبابية الموقف السياسي تجاه التضخم وفقدان الرؤية بالنسبة للانتخابات ويرجح الأسبوع القادم زيارة دعمه السابق عند 1.47.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
التعاملات في هذا الزوج رسمت أربع قمم متلاصقة عند 94.6.. وفي ذلك إشارة بإمكانية ملامسة خط الاتجاه الصاعد، وما زال الاتجاه صاعداً حتى الآن والزوج أصبح ملاذاً آمن لمعظم المضاربين والمستثمرين ويرجح زيارة مستوى 93.7 مرة أخرى.
اليورو
بدأ الأسبوع بخطة إنقاذ أوروبية قيمتها 110 مليارات يورو لليونان حصة صندوق النقد منها 30 ملياراً أثارت مظاهرات شقية في أثينا أمام البرلمان لأن الحكومة أعلنت في حال حصولها على القروض ستقوم بخطة تقشف قاسية تستهدف خفض الأجور ومعاشات التقاعد لموظفي القطاع العام، وألمانيا تماطل وتشكك في قدرة الحكومة اليونانية في الوفاء بوعودها.. ولا سيما أن ألمانيا المساهم الأكبر في الخطة بنسبة 28%، أيضاً مخاوف من انتشار وباء التعثر السيادي في كل من إسبانيا والبرتغال.. وفي إسبانيا المعارضة وقفت بجانب الحزب الحاكم والهدف هيكلة القطاع المصرفي، هذه الأحداث كانت المحرك الأكبر في دفع اليورو لتسجيل قيعان جديدة أمام معظم العملات، أما بشأن الأرقام الاقتصادية فلم يهتم بها المستثمرون ومنها (BMW) أعلنت عن نمو ضاعف صافي أرباحها للربع الأول وبنك يو بي إس نمت أرباحه 52% لكن دون جدوى لا يوجد من يشتري هناك، ومؤشر مديري المشتريات الصناعي في ألمانيا لشهر مارس ينمو بشكل طفيف إلى مستوى 61.5 يظهر عدم تكدس المخزون من السلع ويشير إلى إمكانية ارتفاع حجم التصدير والطلب الاستهلاكي ما زال ينمو، أما مبيعات التجزئة الألمانية على المقياس السنوي تنمو 2.7% بعد أن كانت منكمشة 0.9% لنفس الشهر من العام الماضي.. ومن الممكن أن نشهد نمواً للتضخم طفيفاً في ألمانيا مدعوماً بارتفاع متوقع لأسعار السلع للدولة الأكثر ارتياحاً في أوروبا، أما مؤشر (DAX) للأسهم الألمانية فأعلن عن بدء هبوط مبكر وحاد في السوق.
الجنيه الإسترليني
عرض النقود في شهر مارس يرتفع إلى 0.2%.. مما قد يرفع من مستوى التضخم الانكماشي وفيه إشارة إلى خروج السيولة من الأسواق المالية في بريطانيا وتحولها إلى ودائع طويلة الأجل وادخارية.. ولا بد أن يرتفع الطلب على السلع والخدمات.. وإلا كان مؤشراً سلبياً.. ويرجح أن يكون كذلك.. وجاء مؤشر ائتمان المستهلك بتراجع في النمو بقيمة 0.3 مليار ليؤكد هذا، أما بشأن سوق العقار مع تدني تكلفة الرهن بتدني الفائدة واحتمالية خفض الضريبة على مشتريات المنازل ومع تراجع حزب العمال للمرتبة الثالثة يرجح أن تقفز من جديد وتنتعش لكن بشكل مؤقت لأن العوامل المحيطة تبدو متغيرات مرحلية، والعملة الملكية لا يتوقع لها النهوض إلا بعد زوال الضباب الذي يحيط بأرقام الانتخابات الرئاسية، ومؤشر (فوتسي) للأسهم مساره جانبي يميل للهبوط الحاد.
الين
الاقتصاد الياباني الأفضل حالاً بين الثلاث الكبار (أمريكا - بريطانيا - أوروبا) وتدني الين يدفع بالمزيد من التصدير، لكن أسواق الأسهم ممثلة (مؤشر نيكاي) أسوأ حالاً حيث سبق الجميع في تحديد اتجاهه الهابط حيث كانت قمته 11300 نقطة.. وحالياً عند 10700 نقطة.. وشكَّل من خلال الحركة قمة هابطة هذا يضعف شهية المخاطرة في الأصول مرتفعة العوائد ويزيد الطلب على الين من قبل اليابانيين أمام اليورو والجنيه خصوصاً.
(تمَّ إعداد هذا التقرير منتصف جلسة الأسواق اليابانية يوم الخميس الساعة 4 صباحاً بتوقيت جرينتش)
محلل أسواق المال