لم يعد خافيا لدى كل عاقل، أن العراق أصبح طريقا سهلا لمرور المخدرات، وترويجها بكل أصنافها وأشكالها. فقد أعلنت اللجنة الوطنية العراقية لمكافحة المخدرات: «أن إيران هي المصدر الرئيس ..
لتصدير السموم البيضاء إلى العراق والأردن وسوريا، وإلى دول الخليج العربي» كل ذلك من أجل جعل تلك الدول سوقا استهلاكيا للمخدرات، نتيجة ضعف السيطرة على الحدود الإيرانية العراقية. بل إن أكثر مدينتين يجري ترويج المخدرات فيهما، هما: بغداد وكربلاء، واللتان تستقبلان أعدادا كبيرة من الزوار الأجانب، - خاصة - الإيرانيين.
وتتزامن هذه المعلومات الخطيرة، مع اتهام مسؤول أمني بحريني إيران، بتقديمها تسهيلات لمهربي ومروجي المخدرات، الذين يستخدمون أراضيها للإنتاج. متسائلا: بأن إيران لا تدخل فيها إبرة دون علم الجهات الرسمية، فكيف تخرج منها هذه الكميات الضخمة من المخدرات دون علمها. وقال - الرائد - مبارك بن حويل - مدير إدارة مكافحة المخدرات في مملكة البحرين - خلال عرضه تجربة البحرين في ختام الندوة الإقليمية لمكافحة المخدرات وتبادل المعلومات، التي تستضيفها الرياض: «إن التحقيقات التي تتم مع المهربين الإيرانيين الذين تعتقلهم بلاده في إطار عمليات مكافحة المخدرات، تؤكد أن هناك تسهيلات رسمية من الجانب الإيراني لهم».
وتشكل هذه الأموال المتأتية من هذه التجارة، أهم مصدر لتمويل مختلف التنظيمات الإجرامية، وعلى رأسها المنظمات الإرهابية. إضافة إلى أن هذه الأموال الإيرانية، وهي: نتاج بيع الأفيون المخدر، والخشاش، والترياق، والهروين، عبر خريطة النفوذ الإيراني لزراعة وترويج المخدرات من طريقين رئيسيين إلى العراق.
الطريق الأول: يمر الحدود الشرقية التي تربط العراق بإيران، ويستخدم من قبل العصابات الإيرانية والأفغانية.
أما الثاني: فيمر عبر وسط آسيا إلي إقليم كردستان وصولا إلى أوروبا الشرقية، تستخدمه عصابات من منطقة وسط آسيا، بالإضافة إلى عدد من الممرات البحرية الواقعة على الخليج العربي؛ ليتمكن الحرس الثوري بعد ذلك من استخدام هذه الأموال بعد غسلها؛ في استهداف حركة الأموال في المصارف الخليجية، كل ذلك من أجل خدمة النظام الحاكم في إيران.
أخطر ما في الموضوع، هو: أن عوامل عديدة يتداخل فيها السياسي بالاقتصادي بالاجتماعي، تؤكد على وجود رابط قوي بين المخدرات والإرهاب، - لاسيما - وأن الاتجار بهذه الطريقة أصبح أمرا في غاية السهولة، كما أن الحصول عليه أمر في غاية البساطة. وهو ما يمثل تحديا صعبا تواجهه حكومات الدول المستهدفة، - خاصة - إذا علمنا أن مثل هذه العمليات الإجرامية تتطلب تجنيدا لأشخاص على درجة عالية من الخبرة؛ للقيام بمهمات ظاهرها تجاري، وباطنها استخباراتي.
إن رفع مستوى التنسيق والتعاون بين الدول المعنية، مطلبان مهمان. فالتنسيق، يكون في القضايا ذات الاهتمام المشترك فيما بينها. والتعاون، يكون في مجال مكافحة المخدرات، وبذل المزيد من الجهود. وهذا يتطلب قدرا كبيرا من المعلومات الأمنية الدقيقة، من أجل وضع حد لهذه المشكلة التي أصبحت متفاقمة. وكبح جماح السياسة الإيرانية المتعمدة ؛ لإغراق مجتمعاتنا بالرذيلة والإدمان، - خاصة - وأن إيران - للأسف - ترفض التعاون في هذا المجال مع الدول المعنية.
drsasq@gmail.com