الجزيرة - حمود الوادي
تشهد العاصمة الرياض أواخر الشهر الجاري المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني في الدول الإسلامية والذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والآثار. ويعنى المؤتمر بالتراث العمراني في الدول الإسلامية وخصائصه المشتركة وتحتل العمارة الإسلامية مكاناً بارزاً في المنتج الحضاري الإنساني وتعد نموذجها القائمة حتى اليوم شواهد حية على إبداع العقول الإسلامية.
ويناقش المؤتمر الذي يحظى باهتمام المراقبين التحديات التي تفرضها المحافظة على الأصالة والجودة في التراث العمراني، فيما يرصد تطور فن العمارة الإسلامية بداية من صدر الإسلام وأيامه الأولى ومن ثم تطورها حسب تاريخ ومنطقة ظهورها، واتسم تميز الإسلام عند ظهوره بالبساطة الشديدة والصرامة.
ولقد بنى الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسجد النبوي على شكل ساحة كبيرة مفتوحة، غطيت بعض أجزاء منها بأوراق النخيل الموضوعة على أفرع النخيل والتي تمتد على أعمدة من النخيل، غاية في البساطة والصرامة. حتى عند التجديد، ظلت هذه المساجد على نفس بساطتها بالمقارنة بالمساجد الأخرى.
وبوفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وانتهاء خلافة الصحابة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي (أحد أهل البيت)، انتهى عهد البساطة والصرامة لتبدأ الدولة الأموية حكمها من الشام وعاصمتها دمشق. كانت سوريا وفلسطين وكل بلاد الشام مقاطعة مسيحية وجزءاً من الإمبراطورية البيزنطية. لذا تأثر الأمويون الأوائل بطراز العمارة البيزنطي تأثراً كبيراً يظهر بوضوح في المسجد الأموي في دمشق. في ذلك الوقت أعيد بناء المسجد الأقصى وقبة الصخرة بطريقة تشير إلى التأثير البيزنطي مع إدخال بعض خصائص العمارة الإسلامية الجديدة.
كما أضيفت القباب والمنارات وأسلوب الزخرفة العربي إلى طراز العمارة الروماني مع إضافة الكتابة العربية لأجزاء من القرآن الكريم أو الحديث الشريف في زخرفة المساجد لمسة رائعة. وتعد قبة الصخرة والمسجد الأقصى والمسجد الأموي في دمشق ومسجد القيروان (مسجد سيدي عقبة) ومسجد الزيتونة أمثلة ناطقة بالطراز الأموي، ولكن تبقى قبة الصخرة مثالاً فريدا يستحق المشاهدة وتعد أقل تأثرا بالمعمار البيزنطي.وفي عهد الدولة العباسية كون العباسيون طرازهم الخاص من القباب وطوروا المنارات الإسلامية والأموية. وللطراز العباسي أيضاً شكل فريد من الأعمدة كما في مساجد العراق تبدو شكليات الطراز العباسي المسجد الجامع في سامراء ومسجد الريقة ومسجد أبي ضلف وجاع ابن طولون في القاهرة الذي بني 256هـ - 878م.
ويعد دخول الأمويين الأندلس نقلوا إليها الطراز الأموي فتأثر الطراز الأندلسي بالأموي والمراكشي فيما اختلف طراز العمارة في الدولة الفاطمية التي أسست عاصمتها القاهرة وتأثر الطراز في الدولة الأيوبية في البناء بالحرب واستعداداتها فمعظم المنشآت كانت على درجة كبيرة من التحصين والاستعداد للحرب وتميز الطراز في العهد السلجوقي بالقباب والمنارات المستقيمة وفي العهد المغولي ازدهر الطراز المعماري الفارسي المغولي والهندي والتركي.
وحين قيام الدولة العثمانية، أنشأ العثمانيون حضارة غنية ثقافياً وعلمياً ودينياً كانت أكثر سحراً وثراء لتنوع المصادر وكانت أكثر المباني شيوعاً في العمارة المدرسة والخانكة والسبيل والسوق والعصر. ويناقش المؤثر كذلك عمارة القصور وفنون بنائها في كافة العصور الإسلامية.