«الجزيرة» - الرياض
تشهد دول مجلس التعاون الخليجي تصاعداً في مستويات مخاطر التضخم بعد أن شهدت انخفاضاً حاداً في أسعار المواد الاستهلاكية خلال العام الماضي، وبعد أن كانت تتمتع بأعلى معدلات التضخم على المستوى العالمي، ووفقاً لمحللي كريديت سويس في العدد الأخير من مجلة (جلوبال أنفستور) تشهد دول مجلس التعاون تصاعداً في مستويات مخاطر التضخم مرة أخرى حالياً على غرار غيرها من الأسواق الناشئة، ويقدر متوسط التضخم في دول المجلس بنسبة 2% على أساس سنوي في 2009، بعد أن كانت نسبته 11% على أساس سنوي في 2008. وعلى الرغم من أن التوجه كان مماثلاً حسب كريديت سويس، وكان الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية مصدراً للقوة في 2008، وفي الوقت نفسه نتيجة للضعف المتزايد في اقتصاديات دول مجلس التعاون. وقد فرض الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية ضغوطاً متزايدة على حالة التضخم (الأمور الفرعية مثل الغذاء والإيجار مثلت حوالي 50% من مؤشرات أسعار المستهلكين المختلفة). وأدّى ارتفاع أسعار الطاقة إلى زيادة مفاجئة في عائدات النفط، ما أسهم في دعم النمو الاقتصادي وتعزيز السيولة النقدية. كما ساعد الارتفاع الكبير في السيولة على تعزيز التوسع الائتماني وإحداث قفزة في الانفاق، ما أدى بدوره إلى تضييق دائرة التمويل الجانبي، وخاصة في قطاع العقارات وقد كانت مسألة ربط العملات المحلية بالدولار (باستثناء الدينار الكويتي الذي يرتبط بسلة من العملات) سبباً إضافياً للتقلبات القوية في معدلات التضخم. وفي مرحلة ما قبل الأزمة المالية، أدى ضعف الدولار إلى توليد ضغوط تضخمية إضافية في أسعار الواردات. في المقابل، أدى الارتفاع الكبير في سعر الدولار خلال الأزمة المالية إلى تفاقم معدلات التضخم. وأخيراً، ساهم تراجع أسعار العقارات الحاد في بعض المناطق في تخفيف الضغوط التضخمية.
ومع حفاظ السياسات المالية في عام 2009 على ميزتها التوسّعية لدعم النمو في المنطقة، كان لضعف أسعار السلع الأساسية وانخفاض السيولة وتشديد الشروط الائتمانية أثر أكبر.
وفي نظرة مستقبليّة، يرى محللو كريديت سويس أن الضغوط التضخمية سترتفع في دول مجلس التعاون الخليجي عموماً، مستندين في هذا على افتراض أن أسعار السلع (سواء الغذائية أو الطاقة) ستواصل ارتفاعها، وعلى توقعاتهم بأن يتراجع الدولار. كما يرى محللو كريديت سويس أن ارتفاع الدولار مقرون بانخفاض مخاطر التضخم بطبيعة الحال. وعلاوة على ذلك، بينما لا تزال التوقعات الاقتصادية إيجابية بالنسبة للمنطقة عموماً، فإن الانتعاش التدريجي سيحدّ على الأرجح من الضغوط التضخمية المحلية.