الجزيرة - الرياض
وضعت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ضمن مشروعها للتأهيل البيئي لوادي حنيفة، ثلاثة مستويات لتصريف المياه دائمة الجريان على طول نطاق العمل في المشروع الذي يمتد لأكثر من 80 كيلاً ابتداءً من شمال طريق العمارية، حتى الحاير جنوباً، تحافظ على القدرة التصريفية للوادي طوال العام، وتتحمل غمر مياه الأمطار لفترات محددة، في الوقت الذي تحتوي فيه مياه الفيضانات التي قد تحدث في الدورات المناخية كل 50 سنة تقريباً. فقد اشتملت أعمال تسوية مجاري المياه في الوادي على ثلاثة مستويات مختلفة من تصريف المياه الجارية، هي:
1- المستوى الأول: مستوى المياه دائمة الجريان التي تتغذى من شبكات تخفيض المياه الأرضية في المدينة، ومن المياه المعالجة في محطات تنقية الصرف الصحي، ومن شبكات تصريف السيول, وأُعدّ لهذا المستوى قناة مفتوحة للمياه دائمة الجريان مدعمّة بالتكوينات الصخرية و»الهدارات» للمساعدة في معالجة المياه، والحفاظ على قدرتها التصريفية طوال العام.
2- المستوى الثاني: مستوى السيول الموسمية التي تجري في الوادي في مواسم الأمطار, حيث جرى تسوية بطن الوادي بميل دائم باتجاه الجنوب, وميل مقطعي عرضي باتجاه القناة الدائمة.. كما جرى تدعيم حوافّ الأودية في بعض النقاط الحرجة, وتدعيم الخدمات والمرافق القائمة في بطن الوادي, بحيث تتحمَّل غمر مياه السيول لمدة وجيزة، وهي ما تحتاجها السيول حتى تنقطع بالتبخّر والتسرّب.
3- المستوى الثالث: يختص بالفيضانات التي تحدث في الدورات المناخية كل 50 سنة تقريباً، ونظراً لكونها نادرة الحدوث، تمثلت تجهيزاتها في وقف تعدي الحيازات الخاصة على مجاري السيول, وإزالة الردميات الضخمة من بطن الوادي والشعاب المغذية له. فبعد أن كانت المياه شبه الراكدة، أحد أبرز القضايا الحرجة التي عاني منها الوادي لعدة عقود، اتخذ مشروع التأهيل من الداء دواءً للمشكلة، وذلك من خلال مواجهة أصل المشكلة المتمثل في (التلوث والركود) فكان علاج (التلوث) عبر التحكم في مصادر تلك المياه، وتنظيف الوادي، ومنع الاستعمالات الصناعية الملوثة، ووضع نظام المعالجة الحيوية.. فيما جاء علاج (الركود) عبر إنشاء قناة تضمن تدفق المياه الدائمة على طول مجرى الوادي. فعلى شكل خندق مفتوح في بطن الوادي بطول 57 كيلو متراً، شُقت في بطن الوادي قناة للمياه دائمة الجريان، بعرض متسع نسبياً يصل إلى ستة أمتار وبعمق يبلغ 1.5متر مبطنة بالحجارة، تتبع الميل الطبيعي للوادي من الشمال باتجاه الجنوب والذي يبلغ الفارق بين بدايته ونهايته 300 متر.
وتتغذى هذه القناة من المياه المعالجة الواردة من شبكات تخفيض منسوب المياه الأرضية، إضافة إلى المياه المعالجة، فضلاً عن الروافد والقنوات الفرعية في بعض الشعاب التي تجري فيها مياهاً دائمة. وفي الوقت الذي تضمن فيه هذه القناة المفتوحة جرياناً دائماً للمياه، وبسرعة تحول دون انتشار الحشرات والفطريات الضارة، تساهم في المعالجة الحيوية للمياه من خلال وجود «الهدّارات» المكسية بالأحجار والفلاتر النسيجية، بما يحول دون نمو الأشجار الكبيرة التي قد تغلق مجرى القناة، بينما تزيد الحجارة من التيارات التي تضاعف نسبة الأوكسجين الذائب في المياه لإتمام عملية المعالجة الحيوية.
كما تساهم القناة في زيادة الغطاء النباتي، وزيادة تصريف مياه الأمطار والسيول الخفيفة التي تنحدر إلى مجراها مباشرة، إلى جانب ما تمثله من إضافة جمالية وعنصر ترويحي في بطن الوادي، يتناسب مع البيئة المحيطة به وينعش الحياة الفطرية فيها.