حين يحدث أن تذهب للتبضع فإنك حتما ستحتار، أين تذهب وقد غدت الرياض كلها مجمعات تجارية تتنافس وتتنابز في الفخامة، والتنوع، وعرض مسميات الماركات التجارية العالمية، ذات الشهرة، التي انتقلت بقضها وقضيضها لتصبح في متناول كل الأيدي، والعيون، ما يغري المنتقين، ومن لديهم شهوة الاقتناء، ومحبي التظاهر والمظاهر لأن يتكبدوا أثمانها، وتصاميمها، ناسبت قدراتهم، وعادات أزيائهم أو لا تفعل، وبعد أن كان القادمون من الأسفار وحدهم العارضين لهذه المنتجات،غدا الجميع قادرين عليها، فهي قد دكت بانتشار دارهم، واستوطنت مذاقاتهم،.. تغير مظهر المتسوقين، والمتسوقات بين عشية وضحاها، إذ زيد على ما يجدون, استوطان اللغة الأجنبية بشكل طاغ على جميع المحلات، ما كان منها للأزياء أو الكماليات، أو الأثاث، أو الأدوات المنزلية، وقد دعم كينونتها تصميمُها العام والخاص، وأشكال عرضها، بل أساليب البيع فيها والتعامل، وتطعيم هذه المناطق التجارية بالمطاعم ذات السمات ذاتها، حتى يشعر المار بها، والمتجول فيها أنه خارج مدينته، اغتربت هي، واغتربنا معها، على ما فيها من جوانب مواكبة للتغير الإيجابي، تبهج بحركة التنمية، وتوفر حاجات الإنسان، وتقربه من التماس بمعاش القرية الكونية الصغيرة، والعامة، في أساليبها الأكثر كثافة، والأشد تفاعلا، إلا أن ما تشاهده من التغير المفاجئ في سلوك الأفراد نساء ورجالا، يجعلك تقيم الشبه بينهم وبين القِدْر المغلق الذي تنضج في داخله الطبخة قبل أن تراها، وبعد أن تنضج، بمجرد أن تزيح عنه الغطاء, يفاجئك بما طُبخ بداخله مضمونا ورائحة..,
كل ذلك تم بلا مقدمات، وبسرعة فائقة، الأمر الذي يؤكد بأن هناك قناعات كانت تنمو, وتتشكل في نفوس الأكثرية، الذين فجأة أخذوا بأيديهم خاصرات زوجاتهم، واستبدلوا الثياب بالبناطيل الجينز، وتركوا بناتهم يلففن «الطرح» حول رقابهن، ويسدلن شعورهن.., وأبناءهم يطلقون شعورهم، ويضيقون لباسهم، وهم يتسوقون، وبأيديهم حبات الذرة، كأنهم يوحون لأنفسهم الشعور بأنهم في سفر، يخلفون وراءهم هم العمل، والحجاب، وركام العادات.., وينطلقون..!!, بعيدا عن اعتبارات كثيرة لقيم أساس لا جدال فيها البتة، ولا تهاون بها على الإطلاق.