Al Jazirah NewsPaper Sunday  25/04/2010 G Issue 13723
الأحد 11 جمادى الأول 1431   العدد  13723
 
مسؤولية
قبل أن تموت الضحايا
ناهد سعيد باشطح

 

فاصلة:

(لو أنصف الناس لاستراح القاضي)

- حكمة عربية -

سأنتظر خلال الشهر القادم حكم القاضي في المحكمة العليا في التهمة الموجهة من قبل هيئة التحقيق والادعاء العام في المدينة المنورة لأب احتجز ابنته جبريا وأهمل رعايتها؛ مما تسبب في وفاتها.

الأب الآن في السجن لأن الفتاة ماتت، لكن السؤال: ماذا عن الآباء الذين يعذبون بناتهم أو زوجاتهم وما زالوا بعيدا عن طائلة القانون لأن الابنة أو الزوجة لم تمت بعد!!

هل قلة قانون ؟!

نسيت أننا حتى الآن، وفي زمن المعلوماتية لا يوجد لدينا قانون للأحوال الشخصية !!

الأب الذي يواجه الآن تلك التهمة سجن ابنته المختلة عقليا بعدما تجاوزت العاشرة من عمرها، في غرفة خاصة بمسكنه مقيدا إحدى قدميها بالسلاسل لتعيش الطفلة وسط رعاية صحية وبيئة غاية في السوء، وهو ما انتهى بها لأن تفارق الحياة في أوائل عام 1415هـ، داخل غرفتها. ثم قرر التخلص من الجثمان بدفنه في إحدى الأودية شمال المدينة المنورة، وبعد خمسة عشر عاما أراد الله للحقيقة أن تظهر فعرفت الشرطة عن طريق شكوى مقدمة من فتاة ضد الوالد القاسي وانكشف النقاب عن حقيقة الجثمان الذي وجدته الشرطة قبل 14 عاما بدون هوية.

كثير من الآباء الذين يفرطون في تعذيب أبنائهم حتى الموت، يتعاملون من منطلق حديث نبوي تم فهمه بشكل قاصر والذي يتضمن «لا يقتل والد بولده» وقد ساهم ذلك الفهم القاصر في التعسف ضد الأبناء من منطلق الولاية المطلقة.

ما تنشره الصحف هو ما يصل إليها من قصص المعنفات، والحال، وإن كانت مأساوية إلا أن المرأة اليوم أصبحت تعرف أن من حقها أن تمنع العنف من أن يكون عادة لمجرد أن المعتدي هو وليها شرعا.

قصص العنف لا أسمعها أو أشاهدها كمتفرجة فقط، إنما كباحثة عن الاضطرابات النفسية التي تصيب المعنفة نتيجة العنف المادي والمعنوي الذي تعانيه، والقصص مأساوية لا يصدقها العقل فقد قابلت فتيات في عمر الزهور يتعرضن للتعذيب من آبائهن دون أسباب وكأنهم يعاقبن البنات على ذنب لم يرتكبنه

الضرب الوحشي وحبس الفتاة في غرفة لتشرب الماء من دورة المياه ولا تأكل سوى الفتات أو ضرب الفتاة حتى يغمى عليها وسحبها من شعرها على أرض بها زجاج مكسور، وصور أخرى عديدة لا أملك تجاهها إلا أن أسترجع حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما كان يلاعب حفيديه الحسن والحسين و يقبلهما، فسأله الأقرع بن حابس: أتقبلون أولادكم؟! و اللهِ إن لي عشرة من الأولاد ما قبلت أحدا منهم، فأجابه الرسول عليه الصلاة والسلام بغضب: و ما أملك لك إن نزعت الرحمة من قلبك؟

ولهذا أقول: إننا وإن بدأنا بدايات جيدة من خلال مكتب الإشراف الاجتماعي بوزارة الشئون الاجتماعية وهيئة حقوق الإنسان ومركز الأمان الأسري إلا أننا بحاجة إلى قانون يوقف المعتدي عند حده بمجرد اعتدائه على امرأة أو طفل أو كبير في السن، ولا ننتظر حتى تموت الضحية فنوجه الاتهام إلى الجاني!!

على المؤسسة القضائية أن تتحرك قبل أن تتحول الضحايا إلى أموات، وليس -كما هو الواقع- من أن مئات الرجال المعنفين للنساء أحرار طلقاء بينما المعنفات من زوجات وبنات يسكن دور الإيواء التي مهما وصلت رفاهيتها لن تكون الوسط الطبيعي لحياة الزوجة أو الأبناء.

لا يجب أن يكون التحرك متأخراً بعد أن تتحول الضحية إلى اسم فارق الحياة!!



nahedsb@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد