مهما فعل البريطانيون للفلسطينيين والعرب، لا يمكن أن ينسوا أنهم السبب في ضياع وطنهم فلسطين وجلبهم لليهود من شتات الأرض وإعطائهم أرضاً لا يستحقونها.
وسيظل العراقيون يكتنزون في ذاكرتهم غزو واحتلال الأمريكيين لبلادهم وإحضار مَن تربوا في عواصم التآمر على العرب والعراقيين ليحكموا العراق، ويشكلوه وفق أجندات معدة سلفاً هدفها خدمة مصالح مَن تربى على يد الاحتلال.
ولأن الأجنبي وقوات الاحتلال لا يمكن أن تفرض إرادتها على شعب ما، خصوصاً إذا كان هذا الشعب تمتد حضارته إلى آلاف السنين، حتى وإن استعانوا بعملاء لهم ممن يحملون وثيقة ذلك البلد وينتسبون إلى ذلك الشعب وهو الشعب العراق الذي يقاوم ما يريد فرضه المحتلون وعملاؤهم، وهو بالضبط ما يحصل الآن؛ فبعد أن استوعب الوطنيون ما حصل أعادوا تجميع صفوفهم، وفي أول مواجهة انتخابية حظيت ببعض فرص المواجهة بين الوطنيين وبين من يتدثرون بعباءة الأجنبي بانت الفوارق، وأخذت المؤشرات تشير إلى إصلاح الوضع، وهنا بدأت المخططات التآمرية بوضع العراقيل أمام القوى الوطنية؛ فوظفت ماكينة الإقصاء، وتم إبعاد مرشحي القوائم الوطنية واعتقال الكثير منهم وزجهم في المعتقلات واللعب بورقة الاجتثاث، ثم امتد الضغط على مفوضية الانتخابات لإجبارها على إعادة العد والفرز اليدوي لتقديم نتائج تخدم قائمة رئيس الحكومة الذي مارس كل أساليب الضغط والتهديد وعلى كافة المؤسسات التي لها علاقة بالانتخابات؛ لجعل قائمته الفائزة الأولى وتجريد القوائم الأخرى مما حققته. ولعل أسوأ ما حصل ويحصل الآن في العراق هو خضوع القضاء العراقي لضغوط رئيس الحكومة نوري المالكي المستمرة، والتي لم تتوقف عند حد الحكم بإعادة العد والفرز في مناطق يحددها المالكي، مثلما خضع القضاء العراقي مع ضغوط المالكي في إقصاء عدد من مرشحي القوائم المنافسة وإبعاد الشخصيات الوطنية، وإشرافه شخصياً من خلال تولي مكتبه الخاص إنشاء السجون والمعتقلات السرية وغير القانونية التي آخرها السجن السري الذي اكتشف مؤخراً والمقام في مطار المثنى السابق وسط بغداد، والذي يدار من قبل المكتب الخاص لرئيس الوزراء..!! الذي يضم سجناء جميعهم ينتمون إلى مكون طائفي واحد؛ مما يعزز المخاوف من تمادي نوري المالكي في تنفيذ مشروعه الطائفي الذي يريد استكماله من خلال استماتته بالبقاء رئيساً للحكومة، وهذا يحمل قوات الاحتلال الأمريكي مسؤولية إصلاح خطئها بمساندة وتقوية مثل هؤلاء الذين لا يخدمون مصالح العراق، ولا أهداف التغير الديمقراطي بقدر خدمتهم لأجندات طائفية باتت مكشوفة ومفضوحة جداً، وهو ما يحمله العراقيون جميعاً للأمريكيين الذين احتلوا العراق ودمّروا نسيجها الوطني الذي لا يمكن أن ينساه العراقيون.
jaser@al-jazirah.com.sa